الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } * { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

الويل لفظ دال على الهلاك أو الشر، وهو اسم لا فعل له من لفظه.. وقيل هو اسم واد فى جهنم. و { المطففين } جمع مطفف، من الطفيف، وهو الشئ التافه الحقير، لأن ما يغتاله المطفف من غيره شئ قليل. والتطفيف الإِنقاص فى المكيال أو الميزان عن الحدود المطلوبة. قال الإِمام ابن جرير وأصل التطفيف، من الشئ الطفيف، وهو القليل النزر. والمطفف المقلل صاحب الحق عَمَّا له من الوفاء والتمام فى كيل أو وزن. ومنه قيل للقوم الذين يكونون سواء فى حسبه أو عدد هم سواء كطف الصاع. يعنى بذلك كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء.. وقوله { اكتالوا } من الاكتيال وهو افتعال من الكيل. والمراد به أخذ مالهم من مكيل من غيرهم بحكم الشراء. ومعنى { كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } كالوهم أو وزنوا لهم، فحذفت اللام، فتعدى الفعل إلى المفعول، فهو من باب الحذف والإِيصال. فالواوان فى { كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } يعودان إلى الاسم الموصول فى قوله { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ }. والضميران المنفصلان " هم " ، يعودان إلى الناس. قال صاحب الكشاف والضمير فى { كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } ضمير منصوب راجع إلى الناس. وفيه وجهان أن يراد كالوا لهم، أو وزنوا لهم فحذف الجار، وأوصل الفعل، كما فى قول الشاعر
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر   
بمعنى جنيت لك. وأن يكون على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، والمضاف هو المكيل أو الموزون.. والمعنى هلاك شديد، وعذاب أليم، للمطففين، وهم الذين يبخسون حقوق الناس فى حالتى الكيل والوزن وما يشبههما، ومن مظاهر ذلك أنهم إذا اشتروا من الناس شيئا حرصوا على أن يأخذوا حقوقهم منهم كاملة غير منقوصة، وإذا باعوا لهم شيئا، عن طريق الكيل أو الوزن أو ما يشبههما { يُخْسِرُونَ } أى ينقصون فى الكيل أو الوزن. يقال خسَر فلان الميزان وأخْسَره، إذا نقصه، ولم يتمه كما يقتضيه العدل والقسط. وافتتحت السورة الكريمة بلفظ " الويل " للإِشعار بالتهديد والتشديد، والوعيد الأليم لمن يفعل ذلك. وقوله { ويل } مبتدأ، وهو نكرة، وسوغ الابتداء به كونه دعاء. وخبره " للمطففين ". وقال - سبحانه - { إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ } ولم يقل من الناس. للإِشارة إلى ما فى عملهم المنكر من الاستيلاء والقهر والظلم. وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله لما كان اكتيالهم من الناس اكتيالا يضرهم، ويتحامل فيه عليهم، أبدل " على " مكان " من " للدلالة على ذلك. ويجوز أن يتعلق " على " بيستوفون، ويقدم المفعول على الفعل لإِفادة الخصوصية. أى يستوفون على الناس خاصة، فأما أنفسهم فيستوفون لها. وقال الفراء " من " و " على " يعتقبان فى هذا الموضوع، لأنه حق عليه، فإذا قال اكتلت عليك، فكأنه قال أخذت ما عليك، وإذا قال اكتلت منك، فكقوله استوفيت منك.

السابقالتالي
2 3 4 5