الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

قوله - سبحانه - { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } بيان لما ستكون عليه السماء عند اقتراب قيام الساعة. ومعنى { ٱنفَطَرَتْ } انشقت، من الفطر - بفتح الفاء - بمعنى الشق، كما قال - تعالى - فى أول سورة الانشقاقإِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } يقال فطرت الشئ فانفطر، أى شققته فانشق. أى إذا السماء تصدعت وتشققت فى الوقت الذى يريده الله - تعالى - لها أن تكون كذلك. { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } أى وإذا النجوم تهاوت وتساقطت وتفرقت، ويقال نثرت الشئ على الأرض، إذا ألقيته عليها متفرقا، فانتثار الكواكب معناه تفرقا عن مواضعها التى كانت فيها. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } أى شققت جوانبها، فزالت الحواجز التى بينها، واختلط بعضها ببعض فصارت جميعها بحرا واحدا، فقوله { فُجِّرَتْ } مأخوذ من الفجر - بفتح الفاء - وهو شق الشئ شقا واسعا، يقال فجر الماء فتفجر، إذا شقه شقا واسعا ترتب عليه سيلان الماء بشدة. { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } أى صار باطنُها ظاهرَهَا، وخرج ما فيها من الموتى مسرعين، يقال بعثر فلان متاعه، إذا فرقه وبدده وقب بعضه على بعض. والمراد أن التراب الذى كان فيها يبعثر ويزال، ويخرج الموتى من تلك القبور للحساب والجزاء. وقوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } جواب { إذا } فى الآيات الأربع. أى إذا تم ذلك، علمت كل نفس ما قدمت من خير أو شر، وما أخرت من سنة حسنة، أو سنة سيئة يعمل بها بعدها. قال الجمل ما ملخصه واعلم أن المراد من هذه الآيات أنه إذا وقعت هذه الأشياء التى هى أشراط الساعة، فهناك يحصل الحشر والنشر، وهى هنا أربعة اثنان منها يتعلقان بالعلويات، واثنان يتعلقان، بالسفليات، والمراد بهذه الآيات بيان تخريب العالم، وفناء الدنيا، وانقطاع التكاليف.. وإنما كررت إذا لتهويل ما فى حيزها من الدواهى. وجواب { إذا } وما عطف عليها قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ } أى علمت كل نفس وقت هذه المذكورات الأربعة { مَّا قَدَّمَتْ } من الأعمال وما أخرت منها فلم تعمله. ومعنى علم النفس بما قدمت وأخرت العلم التفصيلى. وذلك عند نشر الصحف - كما تقدم فى سورة التكوير - أما العلم الإِجمالى فيحصل فى أول زمن الحشر، لأن المطيع يرى آثار السعادة، والعاصى يرى آثار الشقاوة فى أول الأمر، وأما العلم التفصيلى فإنما يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة.. وبعد أن أشار - سبحانه - إلى أهوال علامات الساعة التى من شأنها أن تنبه العقول والحواس والمشاعر.. أتبع ذلك بنداء للإِنسان فقال - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } والغرور الخداع. يقال غر فلان فلانا، إذا خدعه وأطمعه بالباطل. والخطاب لجنس الإِنسان، وقيل للكافر. و " ما " استفهامية، والمقصود بالاستفهام الإِنكار والتعجيب من حال هذا الإِنسان المخدوع.

السابقالتالي
2 3 4 5