الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ }

تكرر لفظ " إذا " فى هذه الآيات اثنى عشرة مرة، وجواب الشرط قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ }. وهذا التكرار بلفظ إذا من مقاصده التشويق للجواب، لأن السامع عندما يجد هذا الظرف وقد تكرر يكون فى ترقب وشوق لمعرفة الجواب. وعندما يسمعه يتمكن من نفسه كل التمكن. ولفظ " الشمس مرفوع على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده، أى إذا كورت الشمس كورت، وأصل التكوير لف الشئ على جهة الاستدارة، تقول كورت العمامة، إذا لففتها. قال صاحب الكشاف فى التكوير وجهان أحدهما أن يكون من كورت العمامة إذا لففتها. أى يلف ضوء الشمس لفا فيذهب انبساطه وانتشاره فى الآفاق، وهو عبارة عن إزالتها والذهاب بها، لأنها ما دامت باقية، كان ضياؤها منبسطا غير ملفوف. وثانيهما أن يكون لفها عبارة عن رفعها وسترها، لأن الثواب إذا أريد رفعه، لف وطوى ونحوه قوله - تعالى -يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ } أى إذا الشمس أزيل ضوؤها بعد انتشاره وانبساطه، فأصبحت مظلمة بعد أن كانت مضيئة، ومستترة بعد أن كانت بارزة. { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أى تناثرت وتساقطت وانقلبت هيئتها من اللمعان والظهور، إلى الميل نحو الظلام والسواد. أى وإذا النجوم تساقطت وانقضت. يقال انكدر البازى، إذا نزل على فريسته بسرعة، وانكدر الأعداء على القوم إذا جاءوا أرسالا متتابعين فانصبوا عليهم. ويصح أن يكون المعنى وإذا النجوم تغيرت وانطمس نورها، وزال لمعانها، من قولهم كدرت الماء فانكدر، إذا خلط به ما يجعله مائلا إلى السواد والغُبْرة. { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } أى اقتلعت من أماكنها فسارت فى الفضاء بقدرة الله - تعالى -. قال - تعالى -وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } وقال - سبحانه -وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } والعشار جمع عُشَراء كنُفَسَاء، وهى الناقة التى أتى على حملها عشرة أشهر. وتسمى بهذا الاسم إلى أن تضع لتمام السنة. والنوق العشار كانت من أثمن الأموال عند العرب، وكان يحافظون عليها حتى فى أشد حالات الخوف. ومعنى " عطلت " أهملت وتركت بدون راع يحميها، أو يلتفت إليها، وهذا تصوير بديع لما يصيب الناس من أهوال، تجعلهم لا يلتفتون إلى أعز أموالهم لديهم. أى وإذا النوق العشار - التى هى أغلى الأموال - عطلت، أى تركت دون أن يلتفت إليها أحد. لانشغال كل إنسان بنفسه. وقيل المراد بالعشار السحب المحملة بالأمطار. أى وإذا السحب الحاملة للأمطار قد عطلت عن نزول المطر منها، وصارت خالية من الماء الذى يحيى الأرض بعد موتها. قال القرطبى ما ملخصه { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَت } أى النوق الحوامل التى فى بطونها أولادها، الواحدة عُشَراء.

السابقالتالي
2 3 4