الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

وقوله { غَنِمْتُمْ } من الغنم بمعنى الفوز والربح يقال غنم غنما وغنيمة إذا ظفر بالشئ قال القرطبى ما ملخصه الغنيمة فى اللغة ما يناله الرجل أو الجماعة بسعى، ومن ذلك قول الشاعر
وقد طوفت فى الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإِياب   
واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله - تعالى - { غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر. وسمى الشرع الواصل من الكفار إلينا من الأموال باسمين غنيمة وفيئا. فالشئ الذى يناله المسلمون من عدوهم بالسعى وإيجاف الخيل والركاب يسمى غنيمة. ولزم هذا الاسم هذا المعنى حتى صار عرفا. والفئ مأخوذ من فاء يفئ إذا رجع، وهو كل ما دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف. كخراج الأرضين، وجزية الجماجم. والمعنى الاجمالى للآية الكريمة { وَٱعْلَمُوۤا } - أيها المسلمون - { أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } أى ما أخذتموه من الكفار قهراً { فَأَنَّ للَّهِ } الذى منه - سبحانه - النصر المتفرع عليه الغنيمة { خُمُسَهُ } أى خمس ما غنمتموه شكرا له على هذا النعمة { وَلِلرَّسُولِ } الذى هو سبب فى هدايتكم { وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } أى ولأصحاب القرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم والمراد بهم على الراجح بن هاشم وبنو المطلب. { وَٱلْيَتَامَىٰ } وهم أطفال المسلمين الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا. { وَٱلْمَسَاكِينِ } وهم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين. { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } وهو المسافر الذى نفد ماله وهو الطريق قبل أن يصل إلى بلده. وقوله { وَٱعْلَمُوۤا } معطوف على قوله قبل ذلك { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ... } الخ و { مَا } فى قوله { أَنَّمَا غَنِمْتُمْ } موصولة والعائد محذوف. وقوله { مِّن شَيْءٍ } بيان الموصول محله النصب على أنه حال من العائد المقدر. أى أن ما غنمتموه من شئ سواء أكان هذا الشئ قليلا أم كثيرا { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ }. وقوله { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } خبر مبتدأ محذوف والتقدير فحكمه أن لله خمسه والجار والمجرور خبر { أَنَّ } مقدم، وخمسة اسمها مؤخر. والتقدير فأن خمسه كائن لله وللرسول ولذى القربى.. إلخ. وأعيدت اللام فى قوله { وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } دون غيرهم من الأصناف التالية لدفع توهم اشتراكهم فى سهم النبى - صلى الله عليه وسلم - لمزيد اتصالهم به. وقوله { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ... } شرط جزاؤه محذوف. أى إن كنتم آمنتم بالله حق الإِيمان، وآمنتم بما أنزلنا على عبدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } أى يوم بدر { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } أى جمع المؤمنين وجمع الكافرين.. إن كنتم آمنتم بكل ذلك، فاعملوا بما علمتم، وارضوا بهذه القسمة عن إذعان وتسليم وحسن قبول. وما أنزله الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر.

السابقالتالي
2 3 4 5