الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }

لعل من الخير قبل أن نتكلم فى تفسير هذه الآيات الكريمة أن نذكر بعض الروايات التى وردت فى سبب نزولها. فإن معرفة سبب النزول يعين على الفهم السليم. قال الإِمام ابن كثير - ما ملخصه - روى الإِمام أحمد بن عبادة بن الصامت قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرا فالتقى الناس. فهزم الله - تعالى - العدو، فانطلقت طائفة فى آثارهم يهزمون ويقتلون. وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه. وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكى لا يصيب العدو منه غرة. حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها، فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا فى طلب العدو لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لستم بأحق بها منا. نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخافة أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به - فنزلت { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ }.. فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين. وروى أبو داود والنسائى وابن جرير وابن مردويه - واللفظ له - عن ابن عباس قال " لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا، فتسارع فى ذلك شبان القوم، وبقى الشيوخ تحت الرايات. فلما كانت المغانم جاءوا يطلبون الذى جعل لهم. فقال الشيوخ لا تستأثروا علينا فإنا كنا ردءاً لكم، لو انكشفتم لثبتم إلينا. فتنازعوا، فأنزل الله - تعالى - { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ". وقال الثورى، عن الكلبى، عن أبى صالح عن ابن عباس قال لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " " من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أتى بأسير فله كذا وكذا " ، فجاء أبو اليسر بأسيرين، فقال يا رسول الله صلى الله عليك - أنت وعدتنا. فقام سعد بن عبادة فقال يا رسول الله، إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شئ، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة فى الأجر ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك. فتشاجروا، ونزل القرآن { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ". وقال الإِمام أحمد حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبى أمامة قال سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا فى النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقسمه بين المسلمين عن بواء - أى على السواء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد