الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } * { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } * { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } * { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } * { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } * { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ }

قال الإِمام الرازى اعلم أن وجه المناسبة بين هذه القصة وبين ما قبلها من وجهين الأول أنه - تعالى - حكى عن الكفار إصرارهم على إنكار البعث، حتى انتهوا فى ذلك الإِنكار إلى حد الاستهزاء فى قولهمتِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } وكان ذلك يشق على الرسول صلى الله عليه وسلم فذكر - سبحانه - قصة موسى - عليه السلام -، وبين أنه تحمل المشقة فى دعوة فرعون، ليكون ذلك لتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم. الثانى أن فرعون كان أقوى من كفار قريش.. فلما تمرد على موسى، أخذه الله - تعالى - نكال الآخرة والأولى، فكذلك هؤلاء المشركون فى تمردهم عليك، إن أصروا، أخذهم الله وجعلهم نكالا.. والمقصود من الاستفهام فى قوله - تعالى - { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ... } التشويق إلى الخبر، وجعل السامع فى أشد حالات الترقب لما سيلقى إليه، حتى يكون أكثر وعيا لما سيسمعه. والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم لقصد تسليته، ويندرج فيه كل من يصلح له. والمعنى هل وصل إلى علمك - أيها الرسول الكريم - خبر موسى - عليه السلام - مع فرعون؟ إن كان لم يصل إليك فهاك جانبا من خبره نقصه عليك، فتنبه له، لتزداد ثباتا على ثباتك، وثقة فى نصر الله - تعالى - لك على ثقتك. والظرف " إذ " فى قوله - تعالى - { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } متعلق بلفظ " حديث " ، والجملة يدل اشتمال مما قبلها. و " الواد " المكان المنخفض بين جبلين، أو بين مكانين مرتفعين. و " المقدس " بمعنى المطهر. و " طوى " اسم للوادى. وقد جاء الحديث عنه فى آيات متعددة، منها قوله - تعالى -فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ. إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } والمعنى هل بلغك - أيها الرسول الكريم - خبر موسى، وقت أن ناديناه وهو بالواد المقدس طوى، الذى هو بجانب الطور الأيمن، بالنسبة للقادم من أرض مدين التى هى فى شمال الحجاز. ويدل على ذلك قوله - تعالى -فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ. فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } وقوله - سبحانه - { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ... } مقول لقول محذوف، أى ناديناه وقلنا له { ٱذْهَبْ } يا موسى إلى فرعون إنه طغى، أى إنه تجاوز كل حد فى الكفر والغرور والعصيان.

السابقالتالي
2 3 4