الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } * { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً }

لفظ " عم " مركب من كلمتين، هما حرف الجر " عن " و " ما " التى هى اسم استفهام، فأصل هذا اللفظ " عن ما " فأدغمت النون فى الميم لأن الميم تشاركها فى الغنة، وحذفت الألف ليتميز الخبر عن الاستفهام. والجار والمجرور متعلق بفعل " يتساءلون ". والتساؤل تفاعل من السؤال، بمعنى أن يسأل بعض الناس بعضا عن أمر معين، على سبيل معرفة وجه الحق فيه، أو على سبيل التهكم. والنبأ الخبر مطلقا، ويرى بعضهم أنه الخبر ذو الفائدة العظيمة. والمعنى عن أى شئ يتساءل هؤلاء المشركون؟ وعن أى أمر يسأل بعضهم بعضا؟ إنهم يتساءلون عن النبأ العظيم، والخبر الهام الذى جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم، والذى نطق به القرآن الكريم، من أن البعث حق، ومن أن هذا القرآن الكريم من عند الله - تعالى - ومن أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يأمرهم به أو ينهاهم عنه. وافتتح - سبحانه - الكلام بأسلوب الاستفهام، لتشويق السامع إلى المستفهم عنه، ولتهويل أمره، وتعظيم شأنه. والضمير فى قوله { يتساءلون } يعود إلى المشركون، الذين كانوا يكثرون من التساؤل فيما بينهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، عما جاء به من عند ربه، فقد أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن الحسن قال لما بعث النبى صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون فيما بينهم - عن أمره وعما جاءهم به - فنزل قوله - تعالى - { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ. عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ.. }. وصح عود الضمير إليهم مع أنهم لم يسبق لهم ذكر، لأنهم معروفون من السياق، إذ هم - دون غيرهم - الذين كانوا يتساءلون فيما بينهم - على سبيل التهكم - عما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم. وقوله - تعالى - { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } تهويل لشأن هذا الأمر الذى يتساءلون فيما بينهم عنه، ووصف - سبحانه - النبأ بالعظم، زيادة فى هذا التهويل والتفخيم من شأنه، لكى تتوجه إليه أذهانهم، وتلتفت إليهم أفهامهم. فكأنه - سبحانه - يقول عن أى شئ يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا؟ أتريدون أن تعرفوا ذلك على سبيل الحقيقة؟ إنهم يتساءلون عن النبأ العظيم، وعن الخبر الجسيم، { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } ما بين منكر له إنكاراً تاما، كما حكى - سبحانه - عنهم فى قولهإِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } وما بين متردد فى شأنه، كما حكى - سبحانه - عن بعضهم فى قولهوَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ }

السابقالتالي
2 3 4 5