الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } * { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } * { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } * { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } * { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } * { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } * { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } * { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } * { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

الاستفهام فى قوله { أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } وفى الآيات المماثلة له بعد ذلك، للتقرير، والمقصود به استخراج الاعتراف والإِقرار من مشركى قريش على صحة البعث، لأن من قدر على الإِهلاك، قارد على الإِعادة. أى لقد أهلكنا الأقوام الأولين الذين كذبوا رسلهم، كقوم نوح وعاد وثمود. { ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ } أى أهلكنا الأولين، ثم نتبعهم بإهلاك المتأخرين عنهم، والذين يشبهون سابقيهم فى الكفر والجحود. و " ثم " هنا للتراخى الرتبى، لأن إهلاك الآخرين الذين لم يعتبروا بمن سبقهم سيكون أشد من إهلاك غيرهم، وفى ذلك تهديد شديد ووعيد واضح لمشركى مكة. وقوله { كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } أى مثل ذلك الفعل الشنيع، والعقاب الأليم، نفعل بالمجرمين الذين أصروا على كفرهم وعنادهم حتى أدركهم الموت. فالكاف بمعنى مثل، والإِشارة فى قوله { كَذَلِكَ } تعود إلى الفعل المأخوذ من قوله { نفعل } أى مثل ذلك الفعل نفعل بالمجرمين. ثم كرر - سبحانه - التهديد والوعيد لهم، لعلهم يرتدعون أو يتعظون فقال { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }. ثم قال - سبحانه - ممتنا على خلقه بإيجادهم فى هذه الحياة، ومحتجا على إمكان الإِعادة بخلقهم ولم يكونوا شيئا مذكورا، فقال { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ }. أى لقد خلقناكم - أيها الناس - من نطفة حقيرة ضعيفة، من مَهُن الشئ - بفتح الميم وضم الهاء - إذا ضعف، وميمه أصلية، وليس هو من مادة هان، و " من " ابتدائية. وقوله { فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } تفصيل لكيفية الخلق على سبيل الإِدماج، والقرار اسم للمكان الذى يستقر فيه الماء، والمراد به رحم المرأة. والمكين صفة له. أى خلقناكم من ماء ضعيف، ومن مظاهر قدرتنا وحكمتنا ولطفنا بكم أننا جعلنا هذا الماء الذى خلقتم منه، فى مكان حصين، قد بلغ النهاية فى تمكنه وثباته. فقوله { مَّكِينٍ } بمعنى متمكن، من مَكنُ الشئ مكانة، إذا ثبت ورسخ. وقوله { إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } بيان لبديع حكمته، والقدر بمعنى المقدار المحدد المنضبط الذى لا يتخلف. أى جعلنا هذا الماء فى قرار مكين، إلى وقت معين محدد فى علم الله - تعالى - يأذن عنده بخروج هذا المخلوق من رحم أمه، إلى الحياة، وهذا الوقت هو مدة الحمل. وقوله - تعالى - { فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ } ثناء منه - تعالى - على ذاته بما هو أهله. أى فقدَّرنا ذلك الخلق تقديرا حكيما منضبطا، وتمكنا من إيجاده فى أطوار متعددة، فنعم المقدرون نحن، ونعم الموجدون نحن لما نوجده من مخلوقات. وما دام الأمر كذلك فويل وهلاك يوم القيامة، للمكذبين بوحدانيتنا وقدرتنا. ثم انتقل - سبحانه - إلى الاستدلال على إمكانية البعث بطريق ثالث فقال { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً.

السابقالتالي
2 3 4