الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } * { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }

افتتح الله - تعالى - هذه السورة الكريمة بقوله - تعالى - { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }. وللعلماء فى مثل هذا التركيب أقوال منها أن حرف " لا " هنا جئ به، لقصد المبالغة فى تأكيد القسم، كما فى قولهم لا والله. قال الآلوسى إدخال " لا " النافية صورة على فعل القسم، مستفيض فى كلامهم وأشعارهم. ومنه قول امرئ القيس لا وأبيك يا بنة العامرى.. يعنى وأبيك. ثم قال وملخص ما ذهب إليه جار الله فى ذلك، أن " لا " هذه، إذا وقعت فى خلال الكلام كقوله - تعالى -فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } فهى صلة تزاد لتأكيد القسم، مثلها فى قوله - تعالى -لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ } لتأكيد العلم.. ومنها أن " لا " هنا، جئ بها لنفى ورد كلام المشركين المنكرين ليوم القيامة، فكأنه - تعالى - يقول لا، ليس الأمر كما زعموا، ثم قال أقسم بيوم القيامة الذى يبعث فيه الخلق للجزاء. قال القرطبى وذلك كقولهم لا والله لا أفعل. فلا هنا رد لكلام قد مضى، وذلك كقولك لا والله إن القيامة لحق، كأنك أكذبت قوما أنكروها.. ومنها أن " لا " فى هذا التركيب وأمثاله على حقيقتها للنفى، والمعنى لا أقسم بيوم القيامة ولا بغيره، على أن البعث حق، فإن المسألة أوضح من أن تحتاج إلى قسم. وقد رجح بعض العلماء القول الأول فقال وصيغة لا أقسم، صيغة قسم، أدخل حرف النفى على فعل " أقسم " لقصد المبالغة فى تحقيق حرمة المقسم به، بحيث يوهم للسامع أن المتكلم يهم أن يقسم به، ثم يترك القسم مخافة الحنث بالمقسم به فيقول لا أقسم به، أى ولا أقسم بأعز منه عندى. وذلك كناية عن تأكيد القسم. والمراد بالنفس اللوامة النفس التقية المستقيمة التى تلوم ذاتها على ما فات منها، فهى - مهما أكثرت من فعل الخير - تتمنى أن لو ازدادت من ذلك، ومهما قللت من فعل الشر، تمنت - أيضا - أن لو ازدادت من هذا التقليل. قال ابن كثير عن الحسن البصرى فى هذه الآية إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه، يقول ما أردت بكلمتى؟ ما أردت بأكلتى؟.. وإن الفاجر يمضى قدما ما يعاتب نفسه. وفى رواية عن الحسن - أيضا - ليس أحد من أهل السموات والأرض إلا يلوم نفسه يوم القيامة. وجواب القسم يفهم من قوله - تعالى - بعد ذلك { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ }. والمراد بالإِنسان جنسه. أو المراد به الكافر المنكر للبعث. والاستفهام للتوبيخ والتقريع. وقد ذكروا فى سبب نزول هذه الآية أن بعض المشركين قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم يا محمد حدثنى عن يوم القيامة، فأخبره صلى الله عليه وسلم عنه.

السابقالتالي
2 3 4 5