الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } * { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } * { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } * { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } * { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } * { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ }

قد افتتح الله - تعالى - سورة المدثر، بالملاطفة والمؤانسة فى النداء والخطاب، كما افتتح سورة المزمل. والمدثر اسم فاعل من تدثر فلان، إذا لبس الدثار، وهو ما كان من الثياب فوق الشعار الذى يلى البدن، ومنه حديث " الأنصار شعار والناس دثار ". قال القرطبى قوله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } ملاطفة فى الخطاب من الكريم إلى الحبيب، إذ ناداه بحاله، وعبر عنه بصفته، ولم يقل يا محمد ويا فلان، ليستشعر اللين والملاطفة من ربه، كما تقدم فى سورة المزمل. ومثله " قول النبى صلى الله عليه وسلم لِعَلىٍّ إذ نام فى المسجد " قم أبا تراب ". وكان قد خرج مغاضبا لفاطمة - رضى الله عنها -، فسقط رداؤه وأصابه التراب. " ومثله " قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان ليلة الخندق قم يا نومان ". والمراد بالقيام فى قوله - تعالى - قم فأنذر، المسارعة والمبادرة والتصميم على تنفيذ ما أمره - سبحانه - به، والإِنذار هو الإِخبار الذى يصاحبه التخويف. أى قم - أيها الرسول الكريم - وانهض من مضجعك، وبادر بعزيمة وتصميم، على إنذار الناس وتخويفهم من سوء عاقبتهم، إذا ما استمروا فى كفرهم، وبلغ رسالة ربك إليهم دون أن تخشى أحدا منهم، ومرهم بأن يخلصوا له - تعالى - العبادة والطاعة. والتعبير بالفاء فى قوله { فَأَنذِرْ } للإِشعار بوجوب الإِسراع بهذا الإِنذار بدون تردد. وقال فأنذر، دون فبشر، لأن الإِنذار هو المناسب فى ابتداء تبليغ الناس دعوة الحق حتى يرجعوا عما هم فيه من ضلال. ومفعول أنذر محذوف. أى قم فأنذر الناس، ومرهم بإخلاص العبادة لله. وقوله { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أمر آخر له صلى الله عليه وسلم ولفظ { وَرَبَّكَ } منصوب على التعظيم لفعل { كبر } قدم على عامله لإِفادة التخصيص. أى يأيها المدثر بثيابه لخوفه مما رآه من ملك الوحى، لا تخف، وقم فأنذر الناس من عذاب الله، إذا ما استمروا فى شركهم، واجعل تكبيرهم وتعظيمك وتبجيلك لربك وحده، دون أحد سواه، وصفه بما هو أهله من تنزيه وتقديس. والمراد بتطهير الثياب فى قوله - تعالى - { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } تطهيرها من النجاسات. والمقصود بالثياب حقيقتها، وهى ما يلبسه الإِنسان لستر جسده.. ومنهم من يرى أن المقصود بها ذاته ونفسه صلى الله عليه وسلم أى ونفسك فطهرها من كل ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم. وقال صاحب الكشاف قوله - تعالى - { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات، لأن طهارة الثياب شرط فى الصلاة، ولا تصح إلا بها. وهى الأول والأحب فى غير الصلاة. وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7