الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً }

وقد ذكرالمفسرون عند تفسيرهم لهذه السورة الكريمة روايات منها ما رواه البزار والطبرانى فى الأوسط، وأبو نعيم فى الدلائل عن جابر - رضى الله عنه - قال اجتمعت قريش فى دار الندوة فقالوا سموا هذا الرجل اسما تصدوا الناس عنه فقالوا كاهن. قالوا ليس بكاهن. قالوا مجنون. قالوا ليس بمجنون. قالوا ساحر. قالوا ليس بساحر.. فتفرق المشركون على ذلك. فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فتزمل فى ثيابه وتدثر فيها، فأتاه جبريل فقرأ عليه { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ }يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ... } وقيل إنه صلى الله عليه وسلم كان نائما بالليل متزملا فى قطيفة.. فجاءه جبريل بقوله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ. قُمِ ٱلْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً.. }. وقيل إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " جاورت بحراء، فلما قضيت جوارى، هبطت، فنوديت فنظرت عن يمينى فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالى فلم أر شيئا.. فرفعت رأسى فإذا الذى جاءنى بحراء، جالس على كرسى بين السماء والأرض.. فرجعت فقلت دثرونى دثرونى " ، وفى رواية " فجئت أهلى فقلت زملونى زملونى، فأنزل الله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ... } ". وجمهور العلماء يقولون وعلى أثرها نزلت { يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ... }. و { ٱلْمُزَّمِّلُ } اسم فاعل من تزمل فلان بثيابه، إذا تلفف فيها، وأصله المتزمل، فأدغمت التاء فى الزاى والميم. وافتتح الكلام بالنداء للتنبيه على أهمية ما يلقى على المخاطب من أوامر أو نواه. وفى ندائه صلى الله عليه وسلم بلفظ " المزمل " تلطف معه، وإيناس لنفسه، وتحبب إليه، حتى يزداد نشاطا، وهو يبلغ رسالة ربه. والمعنى يأيها المزمل بثيابه، المتلفف فيه، رهبة مما رآه من عبدنا جبريل. او هما وغما مما سمعه من المشركين، من وصفهم له بصفات هو برئ منها. { قُمِ ٱلْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً } أى قم الليل متعبدا لربك، { إِلاَّ قَلِيلاً } منه، على قدر ما تأخذ من راحة لبدنك، فقوله { إِلاَّ قَلِيلاً } استثناء من الليل.. وقوله { نِّصْفَهُ } بدل من { قَلِيلاً } بدل كل من كل، على سبيل التفصيل بعد الإِجمال.. أى قم نصف الليل للعبادة لربك، واجعل النصف الثانى من الليل لراحتك ونومك.. ووصف - سبحانه - هذا النصف الكائن للراحة بالقلة فقال { إِلاَّ قَلِيلاً } للإِشعار بأن النصف الآخر، العامر بالعبادة والصلاة.. هو النصف الأكثر ثوابا وقربا من الله - تعالى - بالنسبة للنصف الثانى المتخذ للراحة والنوم. وقوله - سبحانه - { أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ.. } تخيير له صلى الله عليه وسلم فيما يفعله، وإظهار لما اشتملت عليه شريعة الإِسلام من يسر وسماحة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد