الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }

المراد بالإِنسان فى قوله - تعالى - { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } جنسه لافرد معين منه، كما فى قوله - تعالى -وَٱلْعَصْرِ. إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ. إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ.. } وكما فى قوله - سبحانه -خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } ويدخل فيه الكافر دخولا أولياً، لأن معظم الصفات التى استثنيت بعد ذلك من صفات المؤمنين الصادقين، وعلى رأسها قوله - سبحانه - { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ }. وقوله { هَلُوعاً } صيغة مبالغة من الهلع، وهو إفراط النفس، وخروجها عن التوسط والاعتدال، عندما ينزل بها ما يضرها، أو عند ما تنال ما يسرها. والمراد بالشر ما يشمل الفقر والمرض وغيرهما مما يتأذى به الإِنسان. والمراد بالخير ما يشمل الغنى والصحة وغير ذلك مما يحبه الإِنسان، وتميل إليه نفسه. والجزوع هو الكثير الجزع. أى الخوف. والمنوع هو الكثير المنع لنعم الله - تعالى - وعدم إعطاء شئ منها للمتحاجين إليها. قال الآلوسى ما ملخصه قوله { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، من قولهم ناقة هلوع، أى سريعة السير. وسئل ابن عباس عن الهلوع فقال هو كما قال الله - تعالى - { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً }. ولا تفسير أبين من تفسيره - سبحانه -. والإِنسان المراد به الجنس، أو الكافر.. وأل فى الشر والخير للجنس - أيضا. والتعبير بقوله { خُلِقَ هَلُوعاً } يشير إلى أن جنس الإِنسان - إلا من عصم الله - مفطور ومطبوع، على أنه إذا أصابه الشر جزع، وإذا مسه الخير بخل.. وأن هاتين الصفتين ليستا من الصفات التى يحبها الله - تعالى - بدليل أنه - سبحانه - قد استثنى المصلين وغيرهم من التلبس بهاتين الصفتين. وبدليل أن من صفات المؤمن الصادق أن يكون شكورا عند الرخاء صبورا عند الضراء. وفى الحديث الشريف، يقول صلى الله عليه وسلم " شر ما فى الرجل شح هالع، وجبن خالع ". وفى حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم " عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ". قال الجمل وقوله { جَزُوعاً } و { مَنُوعاً } فيهما ثلاثة أوجه أحدها أنهما منصوبان على الحال من الضمير فى { هَلُوعاً } ، وهو العامل فيهما. والتقدير هلوعا حال كونه جزوعا وقت مس الشر، ومنوعا وقت مس الخير الثانى أنهما خبران لكان أو صار مضمرة. أى إذا مسه الشر كان أوصار جزوعا، وإذا مسه الخير كان أوصار منوعا.

السابقالتالي
2 3 4