الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ ٱدْخُلُواْ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ مِّن ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ }

أى قال الله - تعالى - لأولئك المكذبين ادخلوا فى ضمن أمم من الجن والإِنس قد سبقتكم فى الكفر، وشاركتكم فى الضلالة. ثم بين - سبحانه - بعض أحوالهم فقال { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } أى كلما دخلت أمة من أمم الكفر لعنت أختها فى الدين والملة، فالأمة المتبوعة تلعن الأمة التابعة لأنها زادتها ضلالا، والأمة التابعة تلعن الأمة المتبوعة لأنها كانت سببا فى عذابها. ثم قال - تعالى - { حَتَّىٰ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً } أى حتى إذا ما اجتمعوا جميعا فى النار الرؤساء والأتباع، والأغنياء، والفقراء، قالت أخراهم دخولا أو منزلة وهم الأتباع، لأولاهم دخولا أو منزلة وهم الزعماء والمتبوعين { رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ }. أى قال الأتباع يا ربنا هؤلاء الرؤساء هم السبب فى ضلالنا وهلاكنا، فأذقهم ضعفا من عذاب النار لإِضلالهم إيانا فضلا عن أنفسهم. وهنا يأتيهم الجواب الذى يحمل لهم التهكم والسخرية، فيقول الله لهم { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } أى لكل منكم ومنهم عذاب مضاعف من النار. أما أنتم فبسبب تقليدكم الأعمى، وأما هم فبسبب إضلالهم لكم ولغيركم، ولكنكم يا معشر المقلدين لا تعلمون ذلك لجهلكم وانطماس بصيرتكم.