الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }

أى با أحد أشد ظلما ممن افترى الكذب على الله، بأن أحل ما حرمه أو حرم ما أحله، أو كذب بآياته المنزلة على أنبيائه، والاستفهام فى قوله { فَمَنْ أَظْلَمُ } للإِنكار. ثم بين - سبحانه - عاقبتهم فقال { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ ٱلْكِتَابِ } أى أولئك الذين كذبوا بآيات الله سينالهم نصيبهم مما كتب لهم وقدر من رزق وأجر، وخير وشر، والمراد بالكتاب، كتاب الوحى الذى أنزل على الرسل، فإنه يتضمن ما أعده الله للمؤمنين من ثواب وما أعده للكافرين من عقاب، وقيل المراد به اللوح المحفوظ، أى أولئك ينالهم نصيبهم المكتوب لهم فى كتاب المقادير، وهو اللوح المحفوظ. ثم صور القرآن حالهم عند قبض أرواحهم فقال { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوۤاْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }. أى أولئك المفترون ينالهم نصيبهم الذى كتب لهم مدة حياتهم، حتى إذا ما انتهت آجالهم وجاءتهم ملائكة الموت لقبض أرواحهم سألتهم سؤال توبيخ وتقريع أين الآلهة التى كنتم تعبدونها فى الدنيا، وتزعمون أنها شفعاؤكم عند الله لكى تنقذكم من هذا الموقف العصيب؟ وهنا يجيب المشركون على الملائكة بقولهم بحسرة وندامة { ضَلُّواْ عَنَّا } أى غابوا عنا وصرنا لا ندرى مكانهم، ولا نرجو منهم خيرا أو نفعا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين بعبادتهم لغير الله الواحد القهار. وهنا يصدر عليهم قضاء الله العادل الذى صوره القرآن فى قوله { قَالَ ٱدْخُلُواْ... }.