الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

الفاء فى قوله - تعالى - { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ.. } للتفريع، أى لتفريع ما بعدها على ما قبلها، وهو الحديث عن أهوال يوم القيامة. والصور هو البوق الذى ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله - تعالى -. قال الآلوسى قوله { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } شروع فى بيان نفس الحاقة، وكيفية وقوعها، إثر بيان عظم شأنها، بإهلاك مكذبيها. والمراد بالنفخة الواحدة النفخة الأولى، التى عندها يكون خراب العالم. وقيل هى النفخة الثانية. والأول أولى، لأنه هو المناسب لما بعده. وجواب الشرط قوله { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ }. أو قوله { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ }. أى فإذا نفخ إسرافيل فى الصور بأمرنا. وقعت الواقعة التى لا مفر من وقوعها، لكى يحاسب الناس على أعمالهم. ووصفت النفخة بأنها واحدة، للتأكيد على أنها نفخة واحدة وليست أكثر، وللتبيه على أن هذه النفخة - مع أنها واحدة - تتأثر بها السموات والأرض والجبال، وهذا دليل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته. وقوله - سبحانه - { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } بيان لما ترتب على تلك النفخة الهائلة من آثار. والمراد بحمل الأرض والجبال إزالتهما من أماكنهما، وتفريق أجزائهما. والدك هو الدق الشديد الذى يترتب عليه التكسير والتفتيت للشئ. أى عندما ينفخ إسرافيل فى الصور بأمرنا نفخة واحدة، وعندما تزال الأرض والجبال عن أماكنهما، وتتفتت أجزاؤهما تفتتا شديدا. فيومئذ { وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أى ففى هذا الوقت تقع الواقعة التى لا مرد لوقوعها، والواقعة من أسماء يوم القيامة. كالحاقة، والقارعة. ثم بين - سبحانه - ما تكون عليه السماء فى هذا اليوم فقال { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ }. والانشقاق الانفطار والتصدع. ومعنى { وَاهِيَةٌ } ضعيفة متراخية. يقال وهَى البناء يَهِى وَهْياً واهٍ، إذا كان ضعيفا جدا، ومتوقعا سقوطه. أى وفى هذا الوقت - أيضا - الذى يتم فيه النفخ فى الصور بأمرنا تتصدع السماء وتتفطر، وتصير فى أشد درجات الضعف والاسترخاء والتفرق. وقيد - سبحانه - هذا الضعف بهذا الوقت، للإِشارة إلى أنه ضعف طارئ، قد حدث بسبب النفخ فى الصور، أما قبل ذلك فكانت فى نهاية الإِحكام والقوة. وهذا كله للتهويل من شأن هذه النفخة، ومن شأن المقدمات التى تتقدم قيام الساعة، حتى يستعد الناس لها بالإِيمان والعمل الصالح. والمراد بالملك فى قوله - تعالى - { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } جنس الملك، فيشمل عدد مبهم من الملائكة.. أو جميع الملائكة إذا أردنا بأل معنى الاستغراق. والأرجاء الأطراف والجوانب، جمع رَجَا بالقصر، وألفه منقلبة عن واو، مثل قفا وقفوان. أى والملائكة فى ذلك الوقت يكونون على أرجاء السماء وجوانبها، ينفذون أمر الله - تعالى - { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } أى والملائكة واقفون على أطراف السماء، ونواحيها.

السابقالتالي
2 3