الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

وقد افتتح سبحانه - السورة الكريمة بقوله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ.... ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }. وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة، منها ما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة - رضى الله عنها - قالت " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب عسلا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له أكلت مغافير؟ - والمغافير صمغ حلو له رائحة كريهة - إنى أجد منك ريح مغافير. فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود إليه، وقد حلفت، فلا تخبرى بذلك أحدا، فنزلت هذه الآيات ". وفى رواية أن التى شرب عندها العسل حفصة بنت عمر، وأن القائلة له ذلك سودة بنت زمعة، وصفية بنت حيى. قالوا والاشتباه فى الاسم لا يضر، بعد ثبوت أصل القصة. وأخرج النسائى والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراما، فأنزل الله - تعالى - { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ.. الآيات.. }. وروى ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصاب أم إبراهيم مارية، فى بيت بعض نسائه - وفى رواية فى بيت حفصة فقالت يا رسول الله فى بيتى وعلى فراشى؟ فجعلها أى مارية - عليه حراما، وحلف بهذا.. فأنزل الله هذه الآيات. قال القرطبى ما ملخصه " وأصح هذه الأقوال أولها.. والصحيح أن التحريم كان فى العسل، وأنه شربه عند زينب، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه، فجرى ما جرى فحلف أن لا يشربه وأسر ذلك، ونزلت الآية فى الجميع ". وقال الإِمام ابن كثير - بعد أن ساق عددا من الروايات فى هذا الشأن والصحيح أن ذلك كان فى تحريمه - صلى الله عليه وسلم - للعسل. وقال الآلوسى قال النووى فى شرح مسلم الصحيح أن الآية فى قصة العسل، لا فى قصة مارية المروية فى غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح. والصواب أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش... وقد افتتح - سبحانه - السورة الكريمة بتوجيه النداء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ }. وفى توجيه النداء إليه - صلى الله عليه وسلم - تنبيه إلى أن ما سيذكر بعد النداء، شىء مهم، بالنسبة له ولسائر المسلمين.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7