الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } * { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } * { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً }

قال القرطبى قوله - تعالى - { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ } لما بين - سبحانه - أمر الطلاق والرجعة فى التى تحيض، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء، عرفهم - سبحانه - فى هذه السورة عدة التى لا ترى الدم. وقال أبو عثمان عمر بن سالم لما نزلت عدة النساء فى سورة " البقرة " فى المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أبى بن كعب يا رسول الله، إن ناسا يقولون قد بقى من النساء من لم يذكر فيهن شىء، الصغار وذوات الحمل، فنزلت هذه الآية. وقال مقاتل لما ذكر - سبحانه - قولهوَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ.. } قال خلاد بن النعمان يا رسول الله فما عدة التى لم تحض، وما عدة التى انقطع حيضها، وعدة الحبلى، فنزلت هذه الآية... وجملة { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ... } معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلكفَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ.. } لبيان أحكام أخرى تتعلق بعدة نوع آخر من النساء بعد بيان عدة النساء ذوات الأقراء. والمراد باللائى يئسن من المحيض النساء اللائى تقدمن فى السن، وانقطع عنهن دم الحيض. وقوله { يَئِسْنَ } من اليأس، وهو فقدان الأمل من الحصول على الشىء. والمراد بالمحيض دم الحيض الذى يلفظه رحم المرأة فى وقت معين، وفى حال معينة.. وقوله { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } من الريبة بمعنى الشك. قوله { وَٱللاَّئِي } اسم موصول مبتدأ، وقوله { يَئِسْنَ } صلته، وجملة الشرط والجزاء وهى قوله { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } خبره. والمعنى لقد بينت لكم - أيها المؤمنون - عدة النساء المعتدات بالمحيض، أما النساء المتقدمات فى السن واللائى فقدن الأمل فى رؤية دم الحيض، فعليكم إن ارتبتم، وشككتم فى عدتهن أو جهلتموها، أن تقدروها بثلاثة أشهر. هذا، وقد قدر بعضهم سن اليأس بالنسبة للمرأة بستين سنة، وبعضهم قدره بخمس وخمسين سنة. وبعضهم لم يحدده بسن معينة، بل قال إن هذا السن يختلف باختلاف الذوات والأفطار والبيئات.. كاختلاف سن ابتداء الحيض. وقوله - تعالى - { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } معطوف على قوله { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ } وهو مبتدأ وخبره محذوف لدلالة ما قبله عليه. والتقدير واللائى يئسن من المحيض من نسائكم، إن إرتبتم فى عدتهن، فعدتهن ثلاثة أشهر، واللاتى لم يحضن بعد لصغرهن، وعدم بلوغهن سن المحيض.. فعدتهن - أيضا - ثلاثة أشهر. ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان عدة المرأة ذات الحمل، فقال - تعالى - { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ... }. وقوله { وَأُوْلاَتُ } اسم جمع للفظ ذات. بمعنى صاحبة، لأنه لا مفرد لكلمة { أُوْلاَتُ } من لفظها، كما أنه لا مفرد من لفظها لكلمة " أولو " التى هى بمعنى أصحاب، وإنما مفردها " ذو ".

السابقالتالي
2 3 4 5