الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } * { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

وقد ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة، فصلها الإِمام ابن كثير - رحمه الله - فقال ما ملخصه وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق نزل فى عبد الله بن أبى بن سلول وأتباعه، فقد ذكر محمد بن إسحاق، أنه لما قدم النبى - صلى الله عليه وسلم - المدينة بعد غزوة أحد، قام عبد الله بن أبى، والرسول - صلى الله عيه وسلم - يخطب للجمعة، فقال أيها الناس، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكرمكم الله به.. فأخذ بعض المسلمين بثيابه من نواحيه وقالوا له اجلس يا عدو الله، لست لهذا المقام بأهل، وقد صنعت ما صنعت - يعنون مرجعه بثلث الناس دون أن يشتركوا فى غزوة أحد -. فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول والله لكأنما قلت بَجْرًا - أى أمرا منكرا - أن قمت أشدد أمره. فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد، فقالوا له ويلك، مالك؟.. ارجع للنبى يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال والله ما أبتغى أن يستغفر لى. وفى رواية أنه قيل له لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته أن يستغفر لك، فجعل يلوى رأسه ويحركه استهزاء.. ثم قال الإِمام ابن كثير - رحمه الله - ما ملخصه وذكر ابن إسحاق فى حديثه عن غزوة بنى المصطلق - وكانت فى شعبان من السنة الخامسة من الهجرة - " أن غلاما لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه - اسمه الجهجاه بن سعيد الغفارى تزاحم على ماء مع رجل من الأنصار اسمه سنان بن وَبْر.. فقال سنان يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه يا معشر المهاجرين. فغضب عبد الله بن أبى - وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم - وقال أو قد فعلوها؟!! قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا. والله ما مثلنا وجلابيب قريش - يعنى المهاجرين - إلا كما قال القائل " سمن كلبك يأكلك " والله لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجن الأعز منها الأذل. فذهب زيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر.. فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله، مر عباد بن بشر فليضرب عنق عبد الله بن أبى بن سلول. فقال - صلى الله عليه وسلم - فكيف إذا الناس تحدث يا عمر، أن محمدا يقتل أصحابه؟ لا، ولكن ناد يا عمر فى الناس بالرحيل. فلما بلغ عبد الله بن أبى أن ذلك قد بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه فاعتذر إليه، وحلف بالله ما قال الذى قاله عنه زيد بن أرقم.. وراح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهجرا فى ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن الحضير، فقال له يا رسول الله، لقد رحت فى ساعة ما كنت تروح فيها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما بلغك ما قال صاحبك بن أبى؟ زعم أنه إذا قدم المدينة أنه سَيُخْرِجُ الأعزُّ منها الأذلَّ. فقال أسيد فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل.. وإنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى هذا الوقت الذى لم يتعود السفر فيه، ليشغل الناس عن الحديث، الذى كان من عبد الله بن أبى ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6