الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ ٱلأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

أى قل يا محمد لهؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، ولغيرهم ممن أرسلت إليهم، قل لهم جميعاً لقد هدانى خالقى ومربينى إلى دين الإِسلام الذى ارتضاه لعباده { دِيناً قِيَماً } أى ثابتاً أبداً لا تغيره الملل والنحل ولا تنسخه الشرائع والكتب. وقوله { دِيناً } نصب على البدل من محل { إِلَىٰ صِرَاطٍ } لأن معناه هدانى صراطاً، أو مفعول لمضمر يدل عليه المذكور. أى عرفنى ديناً. وقوله { قِيَماً } صفى لـ { دِيناً } والقَيِّم والقِيَم لغتان بمعنى واحد وقرىء بهما. وقوله { مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } منصوب بتقدير أعنى أو عطف بيان لـ { دِيناً } و { حَنِيفاً } حال من إبراهيم. أى هدانى ربى ووفقنى إلى دين الإِسلام الذى هو الصراط المستقيم والدين القيم المتفق مع ملة إبراهيم الذى كان مائلا عن كل دين باطل إلى دين الحق، والذى ما كان أبدا { مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } مع الله آلهة أخرى فى شأن من شئونه. لا كما يزعم المشركون وأهل الكتاب أن إبراهيم كان على دينهم. ثم قل لهم للمرة الثانية إن صلاتى التى أتوجه بها إلى ربى { وَنُسُكِي } أى عبادتى وتقربى إليه - وهو من عطف العام على الخاص - وقيل المراد به ذبائح الحج والعمرة. { وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي } أى ما أعمله فى حياتى من أعمال وما أموت عليه من الإِيمان والعمل الصالح. كل ذلك { للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } فأنا متجرد تجرداً كاملا لخالقى ورازقى بكل خالجة فى القلب، وبكل حكة فى هذه الحياة. فهو - سبحانه - رب كل شىء. ولا شريك له فى ملكه، بذلك القول الطيب، وبذلك العمل الخالص أمرت وأنا أول المسلمين الممتثلين لأوامر الله والمنتهين عن نواهيه من هذه الأمة. ثم قال لهم للمرة الثالثة على سبيل التعجب من حالهم، والاستنكار لواقعهم { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً } أى أغير الله - تعالى - تريدوننى أن أطلب رباً فأشركه فى عبادته، والحال والشأن أنه - سبحانه - هو رب كل شىء ومليكه، وهو الخالق لكل شىء. فجملة { وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } حال فى موضع العلة لإِنكار ما هم عليه من ضلال. ثم بين - سبحانه - أن كل إنسان مجازى بعمله فقال { وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } أى لا تجترح نفس إثما إلا عليها من حيث عقابه. فلا يؤاخذ سواها به، وكل مرتكب لإِثم فهو وحده المعاقب به. { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أى ولا تحمل نفس مذنبة ولا غير مذنبة ذنب نفس أخرى، وإنما تتحمل الآثمة وحدها عقوبة إثمها الذى ارتكبته بالمباشرة أو بالتسبب. قال القرطبى وأصل الوزر الثقل، ومنه قوله تعالىوَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } وهو هنا الذنب كما فى قوله تعالى

السابقالتالي
2