الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

إن المتأمل فى هذه الآيات يراها قد رسمت للإِنسان علاقته بربه علاقة ينال بها السعادة والثواب، ورسمت له علاقته بأسرته بحيث تقوم على المودة والمحبة وسدت فى وجهه أبواب الشر التى تؤدى إلى انتهاك حرمات الأنفس والأموال والأعراض، وقد أطلق العلماء على هذه الآيات الكريمة اسم " الوصايا العشر " نظرا لتذييل آياتها الثلاث بقوله - تعالى - { ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ }. روى الترمذى - بسنده - عن ابن مسعود أنه قال من سره أن ينظر إلى وصية محمد التى عليها خاتمه فليقرأ هذه الآيات { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ }. إلى قوله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. وروى الحاكم وصححه، وابن أبى حاتم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيكم يبايعنى على هؤلاء الآيات الثلاث، ثم تلا قوله - تعالى - { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ }. حتى فرغ منها ثم قال من وفى بهن فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئاً فأدركه الله فى الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله، إن شاء الله أخذه، وإن شاء عفا عنه ". وروى البيهقى عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - قال. لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج إلى منى وأنا وأبو بكر معه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على منازل القوم ومضاربهم. فسلم عليهم وردوا السلام، وكان فى القوم مفروق بن عمرو وهانى بن قبيصة والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان مفروق بن عمرو أغلب القوم لساناً وأفصحهم بياناً، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له إلام تدعو يا أخا قريش؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى شهادة أن أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنى رسول الله، وأن تؤوونى وتنصرونى وتمنعونى حتى اؤدى حق الله الذى أمرنى به، فإن قريشاً تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغنى الحميد. فقال له مفروق وإلام تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ }. إلى آخر الآيات الثلاث. فقال له مفروق وإلام تدعو أيضاً يا أخا قريش؟ فوالله ما هذا من كلام أهل الأرض ولو كان من كلامهم لعرفناه. فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلمإِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ } الآية. فقال له مفروق دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك. وقال هانىء بن قبيصة قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك يا أخا قريش، ويعجبنى ما تكلمت به، فبشرهم الرسول - إن آمنوا - بأرض فارس وأنهار كسرى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9