الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ ٱلأَغْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

وقوله { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ... } معطوف على قوله - تعالى -مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ... } لبيان نعمة أخرى من النعم التى أنعم بها - سبحانه - على المؤمنين، فى غزوة بنى النضير. و { أَفَآءَ } من الفىء بمعنى الرجوع، يقال فاء عليه، إذا رجع، ومنه قوله - تعالى - فى شأن الإِيلاءفَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } والمراد به هنا معناه الشرعى وهو ما حصل عليه المؤمنون من أموال أعدائهم بدون قتال، كأن يكون هذا المال عن طريق الصلح، كما فعل بنو النضير، فقد صالحوا المؤمنين على الخروج من المدينة، على أن يكون لكل ثلاثة منهم حمل بعير - سوى السلاح - وأن يتركوا بقية أموالهم للمسلمين. والضمير فى قوله { مِنْهُمْ } يعود إلى بنى النضير، الذى عبر - سبحانه - عنهم بقولههُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ... } وقوله { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ... } من الإِيجاف بمعنى الإِسراع فى السير يقال وجَفَ الفرس يجِف وجَفا ووجيفا، إذا أسرع فى سيره. والجملة خبر " ما " الموصولة فى قوله { وَمَآ أَفَآءَ... } و { مَآ } فى قوله { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ } نافية. والركاب اسم جمع للإِبل التى تركب، وفى الكلام حذف أغنى عنه قوله - سبحانه - { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ... }. والمعنى أعلموا - أيها المؤمنون - أن ما أعطاه الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - من أموال بنى النضير التى صالحوه عليها، فلا حق لكم فيها لأنكم لم تنالوها بقتالكم لهم على الخيل أو الإِبل، وإنما تفضل بها - سبحانه - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بلا قتال يذكر، فقد كانت ديار بنى النضير على بعد ميلين من المدينة، فذهب إليها المسلمون راجلين، وحاصروها حتى تم استسلام بنى النضير لهم.. قال الآلوسى روى أن بنى النضير لما أجلوا عن أوطانهم، وتركوا رباعهم وأموالهم. طلب المسلمون تخميسها كغنائم بدر، فأنزل الله - تعالى - { وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ... } فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة. فقد أخرج البخارى، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وغيرهم عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قال كانت أموال بنى النضير، مما أفاء الله - تعالى - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنة، ثم يجعل ما بقى فى السلاح والكراع عدة فى سبيل الله - تعالى -.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9