الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

وقوله - تعالى - { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } رد على إنكار المشركين للبعث والجزاء، ولولا هنا للتحضيض، والفاء لترتيب التحضيض على ما قبله. أى نحن الذين خلقناكم - أيها الجاحدون - هذا الخلق الأول بقدرتنا وحدها، فهلا صدقتم بذلك، وأطعتم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءكم به من عندنا، وأيقنتم بأن الأولين والآخرين سيقفون أمامنا يوم القيامة للحساب؟. فالمراد بقوله - تعالى - { خَلَقْنَاكُمْ } خلقهم من سلاله من طين، ثم جعلهم نطفة فى قرار مكين كما قال - تعالى -وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ.. } فإن قيل إنهم كانوا يعترفون بأن الله - تعالى - قد خلقهم، بدليل قوله - تعالى -وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ... } فما فائدة قوله - سبحانه - { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ... }؟ فالجواب أنهم لما كان اعترافهم بمنزلة العدم، حيث أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة قيل لهم على سبيل الإِلزام والتبكيت { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ... }. ثم ذكر - سبحانه - بعد ذلك أربعة أدلة على صحة هذا البعث وإمكانه، أما الدليل الأول فتراه فى قوله - تعالى - { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ... }. وقوله { تُمْنُونَ } مأخوذ من أمنى بمعنى قذف المنى، يقال أمنى الرجل النطفة، إذا قذفها. والاستفهام للتقرير، والرؤية علمية. { مَّا } موصولة وهى المفعول الأول لقوله { أَفَرَأَيْتُمْ } والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد إلى الموصول محذوف. وجملة أأنتم تخلقونه... هو المفعول الثانى. والضمير المنصوب فى قوله { تَخْلُقُونَهُ } يعود إلى الاسم الموصول فى قوله { مَّا تُمْنُونَ }. أى أخبرونى - أيها المشركون عما تصبونه وتقذفونه من المنى فى أرحام النساء؟ أأنتم تخلقون ما تمنونه من النطف علقا فمضغا.. أم نحن الذين خلقنا ذلك؟ لا شك أنكم تعرفون بأننا نحن الذين خلقنا كل ذلك، وما دام الأمر كما تعرفون، فلماذا عبدتم مع الله - تعالى - آلهة أخرى. فالاستفهام للتقرير حيث إنهم لا يملكون إلا الاعتراف بأن الله - تعالى - وحده خلق الإِنسان فى جميع أطواره. قال الجمل و { أَم } فى هذه المواضع الأربعة منقطعة، لوقوع جملة بعدها، والمنقطعة تقدر ببل والهمزة الاستفهامية، فيكون الكلام مشتملا على استفهامين، الأول أأنتم تخلقونه؟ وجوابه لا. والثانى مأخوذ من { أَم } أى بل أنحن الخالقون؟ وجوابه نعم. ثم أكد سبحانه - خلقه لكل شىء، وقدرته على كل شىء. فقال - تعالى - { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

السابقالتالي
2 3 4 5