الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ }

قال الآلوسى قوله - تعالى - { وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ... } شروع فى بيان تفاصيل شئونهم، بعد بيان شئون السابقين. وأصحاب مبتدأ وقوله { مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } جملة استفهامية مشعرة بتفخيمهم، والتعجب من حالهم، وهى خبر المبتدأ.. أو معترضة، والخبر قوله { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ... }. والسدر شجر النبق، واحده سدرة، ومخضود. أى منزوع الشوك، يقال خضد فلان الشجر، إذا قطع الشوك الذى به فهو خضيد ومخضود، أو مخضود بمعنى ملىء بالثمر حتى تثنت أغصانه، من خضدت الغصن، إذا ثنيته وأملته إلى جهة أخرى. أى وأصحاب اليمين، المقول فيهم ما أصحاب اليمين على سبل التفخيم، مستقرون يوم القيامة فى حدائق مليئة بالشجر الذى خلا من الشوك وامتلأ بالثمار الطيبة، التى تثنت أغصانها لكثرتها.. قال القرطبى وذكر ابن المبارك قال حدثنا صفوان عن سليم بن عامر قال " كان أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - يقولون إنه لينفعنا الأعراب ومسائلهم. قال أقبل أعرابى يوما فقال يا رسول الله، لقد ذكر الله فى القرآن شجرة مؤذية، وماكنت أرى فى الجنة شجرة تؤذى صاحبها؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - وما هى؟ قال السدر، فإن له شوكا مؤذيا، فقال - صلى الله عليه وسلم - ألم يقل الله - تعالى - { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ }؟ خضد الله - تعالى - شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة ". وقوله - تعالى - { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } بيان لنعمة ثانية. والطلح قالوا هو شجر الموز. واحدة طلحة، والمنضود المتراكب بعضه فوق بعض، بحيث صار ثمره متراصا على هيئة جميلة تسر الناظرين. فقوله { مَّنضُودٍ } اسم مفعول من النضد وهو الرص. يقال نضد فلان متاعه، - من باب ضرب - إذا وضع بعضه فوق بعض بطريقة منسقة جميلة، ومنه قوله - تعالى -وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } وقوله - سبحانه - { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } أى متسع منبسط، بحيث لا يزول كما يزول الظل فى الدنيا، ويحل محله ضوء الشمس. أخرج الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " إن فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها عاما - وفى رواية مائة عام - اقرءوا إن شئتم { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } ". وقوله - سبحانه - { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } أى وفيها ماء كثير مصبوب يجرى على الأرض، ويأخذون منه ما شاءوا، بدون جهد أو تعب. يقال سكب فلان الماء سكبا، إذا صبه بقوة وكثرة. وقوله - تعالى - { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } أى وهم بجانب كل ذلك يتلذذون فى الجنة بفاكهة كثيرة، هذه الفاكهة ليست مقطوعة عنهم فى وقت من الأوقات، ولا تمتنع عن طالبها متى طلبها.

السابقالتالي
2 3