الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُدْهَآمَّتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

وقوله - سبحانه - { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } معطوف على قوله - تعالى - قبل ذلكوَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } ولفظ دون هنا يحتمل أنه بمعنى غير، أى ولمن خاف مقام ربه جنتان، وله - أيضا - جنتان أخريان غيرهما، فهو من باب قوله - سبحانه -لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } قالوا ويشهد لهذا الاحتمال. أن الله - تعالى - قد وصفت هاتين الجنتين بما يقارب وصفه للجنتين السابقتين، وأن تكرير هذه الأوصاف من باب الحض على العمل الصالح الذى يوصل الى الظفر بتلك الجنات، وما اشتملت عليه من خيرات. ويحتمل أن لفظ { دُونِ } هنا بمعنى أقل، أى وأقل من تلك الجنتين فى المنزلة والقدر، جنتان أخريان.. وعلى هذا المعنى سار جمهور المفسرين، ومن المفسرين الذين ساروا على هذا الرأى الإِمام ابن كثير، فقد قال - رحمه الله - هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما فى المرتبة والفضيلة والمنزلة، بنص القرآن، فقد قال - تعالى - { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ }.. فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمين.. والدليل على شرف الأولين على الأخرين وجوه أحدها أنه نعت الأوليين قبل هاتين، والتقديم يدل على الاعتناء، ثم قال { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } وهذا ظاهر فى شرف المتقدم، وعلوه على الثانى. وقال هناكذَوَاتَآ أَفْنَانٍ } وهى الأغصان، أو الفنون فى الملاذ وقال ها هنا { مُدْهَآمَّتَانِ } أى سوداوان من شدة الرى من الماء... وقال الإِمام القرطبى فإن قيل كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين، كما ذكر أهل الجنتين الأوليين؟. قيل الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه. إلا أن الخائفين مراتب، فالجنتان الأوليان لأعلى العباد منزلة فى الخوف من الله - تعالى -، والجنتان الأخريان لمن قصرت حاله فى الخوف من الله - تعالى -. وقال الآلوسى قوله - تعالى - { وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } مبتدأ وخبر أى ومن دون تينك الجنتين فى المنزلة والقدر جنتان أخريان والأكثرون على أن الأوليين للسابقين، وهاتين لأصحاب اليمين.. وقوله { مُدْهَآمَّتَانِ } صفة للجنتين.. أى هما شديدتا الخضرة، والخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد من كثرة الرى... ثم فصل - سبحانه - أوصاف هاتين الجنتين فقال { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } أى فوارتان بالماء الذى لا ينقطع منهما من النضخ وهو فوران الماء من العيون مع حسنه وجماله. { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } وعطف - سبحانه - النخل والرمان على الفاكهة مع أنهما منهما، لفضلهما، فكأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران. أو - كما يقول صاحب الكشاف - لأن النخل ثمره فاكهة وطعام، والرمان فاكهة ودواء، فلم يخلصا للتفكه، ولذا قال أبو حنيفة - رحمه الله - إذا حلف لا يأكل فاكهة، فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث.

السابقالتالي
2