الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } * { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

وجواب " إذا " فى قوله - سبحانه - { فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } محذوف لتهويل أمره.. وقوله - سبحانه - { فَكَانَتْ وَرْدَةً } تشبيه بليغ، أى فكانت كالوردة فى الحمرة. والوردة جمعها ورود، وهى زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة. والدهان ما يدهن به الشىء.. أى فإذا انشقت السماء، فصارت حين انشقاقها وتصدعها، كالوردة الحمراء فى لونها، وكالدهان الذى يدهن به الشىء فى ذوبانها وسيلانها، رأيت ما يفزع القلوب، ويزلزل النفوس من شدة الهول. وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى -وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً } وقوله - سبحانه -فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ.. } وقوله - عز وجل -يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } ثم بين - سبحانه - ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال فقال { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ }. أى ففى هذا اليوم العصيب، وهو يوم الحشر، لا يسأل عن ذنبه أحد، لا من الإِنس ولا من الجن. أى أنهم لا يسألون عن ذنوبهم عند خروجهم من قبورهم، وإنما يسألون عن ذلك فى موقف آخر، وهو موقف الحساب والجزاء، أذ فى يوم القيامة مواقف متعددة. وبذلك يجاب عن الآيات التى تنفى السؤال يوم القيامة، والآيات التى تثبته، كقوله - تعالى -فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وبعضهم يرى أن السؤال المنفى فى بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام، والسؤال المثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع.. عن الأسباب التى جعلتهم ينحرفون عن الطريق المستقيم، ويسيرون فى طريق الفسوق والعصيان.. ثم بين - سبحانه - ما يحل بالمجرمين فى هذا اليوم من عذاب فقال { يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }. وقوله { بِسِيمَاهُمْ } أى بعلاماتهم التى تدل عليهم، وهى زرقة العيون. وسواد الوجوه، كما فى قوله - تعالى -وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ... } وكما فى قوله - سبحانه -يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً... } والنواصى جمع ناصية، وهى مقدم الرأس. والأقدام جمع قدم، وهو ظاهر الساق، و " ال " فى هذين اللفظين عوض عن المضاف إليه. والمراد بالطواف فى قوله { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا.. } كثرة التردد والرجوع إليها بين وقت وآخر. والحميم الماء الشديد الغليان والحرارة.

السابقالتالي
2