الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ } * { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } * { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } * { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ } * { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } * { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } * { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } * { وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ } * { ثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ } * { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } * { وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } * { وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ } * { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } * { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } * { وَثَمُودَ فَمَآ أَبْقَىٰ } * { وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ } * { وَٱلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ } * { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّىٰ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ } * { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ } * { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } * { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ } * { أَفَمِنْ هَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } * { وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ } * { وَأَنتُمْ سَامِدُونَ } * { فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ }

ذكر المفسرون روايات فى سبب نزول قوله - تعالى - { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي تَوَلَّىٰ وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً وَأَكْدَىٰ } منها أنها نزلت فى الوليد بن المغيرة، كان قد سمع قراءة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وجلس إليه ووعظه، فَهَمَّ أن يدخل فى الإِسلام. فعاتبه رجل من المشركين، وقال له أتترك ملة آبائك؟ ارجع إلى دينك، واثبت عليه، وأنا أتحمل عنك كل شىء تخافه فى الآخرة، لكن على أن تعطينى كذا وكذا من المال. فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عماهم به من الدخول فى الإِسلام، وأعطى بعض المال لذلك الرجل، ثم أمسك عن الباقى، وبخل به، فأنزل الله - تعالى - هذه الآيات... والاستفهام فى قوله - تعالى - { أَفَرَأَيْتَ... } للتعجيب من حال هذا الإِنسان، الذى أعرض عن الحق، بعد أن عرف الطريق إليه. أى أفرأيت - أيها الرسول الكريم - حالا أعجب من حال هذا الإِنسان الذى تولى عن الهدى، ونبذه وراء ظهره، بعد أن قارب الدخول فيه. { وَأَعْطَىٰ قَلِيلاً } من العطاء { وَأَكْدَىٰ } أى ثم قطع هذا العطاء. قال صاحب الكشاف { وَأَكْدَىٰ } أى وقطع عطيته وأمسك، وأصله إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كديه، وهى صلابة كالصخر فيمسك عن الحفر... والمراد به هنا ذمه بالبخل والشح، بعد ذمه بالتولى عن الحق. { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ فَهُوَ يَرَىٰ } أى أعند هذا الإِنسان الذى أعرض عن الرشد، علم الغيوب المستترة عن الأعين والنفوس، فهو وحده يراها، ويطلع عليها ويعلم أن فى إمكان الغير أن يحمل عنه أوزاره وذنوبه يوم القيامة؟. كلا، إنه لا علم عنده بشىء من ذلك، وإنما هو قد ارتد على أعقابه، لانطماس بصيرته. بعد أن قارب الرشد والصواب. فالاستفهام فى قوله { أَعِندَهُ عِلْمُ ٱلْغَيْبِ... } للنفى والإِنكار. وقدم - سبحانه - الظرف " عنده " وهو مسند، على " علم الغيب " وهو مسند إليه، لإِفادة الاهتمام بهذه العندية التى من أعجب العجب ادعاؤها، وللإِشعار بأنه بعيد عنها بعد الأرض عن السماء. والفاء فى قوله { فَهُوَ يَرَىٰ } للسببية، ومفعول { يَرَىٰ } محذوف. أى فهو بسبب معرفته للعوالم الغيبية، يبصر رفع العذاب عنه، ويعلم أن غيره سيتكفل بافتدائه من هذا العذاب. ثم وبخه - سبحانه - على جهالته وعدم فهمه فقال { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ... }. و " أم " هنا للإِضراب الانتقالى من ذمه على إعراضه وبخله، إلى ذمه على جهله وحمقه، وصحف موسى هى التوراة التى أنزلها - سبحانه - عليه. وصحف إبراهيم هى الصحف التى أوحى الله - تعالى - إليه بما فيها، وقد ذكر سبحانه ذلك فى قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8