الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ } * { وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } * { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } * { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } * { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } * { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } * { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } * { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً }

والهمزة فى قوله { أَفَرَأَيْتُمُ } للإِنكار والتهكم، والفاء لترتيب الرؤية على ما سبق ذكره من صفات جليلة لله - تعالى - تدل على وحدانيته، وكمال قدرته، ومن ثناء على النبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبريل - عليه السلام - والرؤية هنا، علمية ومفعلوها الثانى محذوف، لدلالة قوله - سبحانه - { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } عليه. و " اللات " اسم لصنم كان لثقيف بالطائف. قال الشاعر
وفرت ثقيف إلى " لاتها " بمنقلب الخائب الخاسر   
وكان هذا الصنم على هيئة صخرة مربعة، قد بنوا عليه بناء ونقشوا عليه نقوشا، وكانت قريش وجمهور العرب، يعظمونه ويعبدونه.. وكأنهم قد سموه بهذا الاسم، على سبيل الاشتقاق من اسم الله - تعالى - فقالوا " اللات " قصداً للتأنيث.. و { وَٱلْعُزَّىٰ } فُعْلَى من العز. وهى اسم لصنم، وقيل لشجرة حولها بناء وأستار، وكانت بمكان يقال له نخلة، بين مكة والطائف، وكانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أحد " لنا العزى ولا عزى لكم ". فقال - صلى الله عليه وسلم - قولوا له " الله مولانا ولا مولى لكم ". ولعلهم قد سموها بذلك. أخذا من لفظ العزيز، أو من لفظ العز، فهى تأنيث الأعز، كالفضلى والأفضل. وأما " مناة " فكانت صخرة ضخمة، بمكان يقال له المشلل، بين مكة والمدينة، وكانت قبيلة خزاعة والأوس والخزرج فى جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة. قالوا وسميت بهذا الاسم، لأن دماء الذبائح كانت تمنى عندها، أى تراق وتسكب. والمعنى لقد ذكرنا لكم - أيها المشركون - ما يدل على وحدانيتنا، وكمال قدرتنا، وسمو منزلة نبينا - صلى الله عليه وسلم -.. فأخبرونى بعد ذلك ما شأن هذه الأصنام التى لا تضر ولا تنفع، كاللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. إنها أشياء فى غاية الحقارة والعجز، فكيف سويتم بينها وبين الخالق - عز وجل - فى العبادة، وكيف أبحتم لأنفسكم تعظيمها، وزعمتم أنها بنات الله..؟. فالمقصود بالاستفهام التعجيب من أحوالهم، والتجهيل لعقولهم. ويصح أن تكون الرؤية فى قوله - سبحانه - { أَفَرَأَيْتُمُ } بصرية، فلا تحتاج إلا لمفعول واحد. أى انظروا بأعينكم إلى تلك الأصنام، التى من أشهرها اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، أترونها تملك الدفاع عن نفسها فضلا عن غيرها؟ إنها لا تملك شيئا، فكيف عظمتموها مع حقارتها وعجزها؟ والاستفهام - أيضا - للتهكم بهم، والتعجيب من تفكيرهم السقيم. قال الآلوسى والظاهر أن " الثالثة الأخرى " صفتان لمناة. وهما على ما قيل للتأكيد.. وقال بعض الأجلة الثالثة للتأكيد. و { ٱلأُخْرَىٰ } للذم بأنها متأخرة فى الرتبة، وضيعة المقدار.

السابقالتالي
2 3 4 5