الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ }

افتتح الله - تعالى - هذه السورة بهذا القسم العظيم، للدلالة على صدق رسوله - صلى الله عليه وسلم - وللرد على أولئك المشركين الجاهلين، الذين زعموا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد اختلق القرآن الكريم. والنجم هو الكوكب الذى يبدو للناظرين، لامعا فى جو السماء ليلا. والمراد به هنا جنسه، أى ما يشمل كل نجم بازغ فى السماء، فأل فيه للجنس. وقيل أل فيه للعهد والمراد به نجم مخصوص هو الشعرى، وهو نجم كان معروفا عند العرب. وقد جاء الحديث عنه فى آخر السورة، فى قوله - تعالى - { وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعْرَىٰ } قالوا وكانت قبيلة خزاعة تعبده. وقيل المراد به الثريا، فإنه من النجوم المشهورة عند العرب. وقيل المراد به هنا المقدار النازل من القرآن على النبى - صلى الله عليه وسلم - وجمعه نجوم، وقد فسره بعضهم بذلك فى قوله - تعالى -فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } ومعنى " هوى " سقط وغرب. يقال هو الشىء يهوى - بكسر الواو - - هويا - بضم الهاء وفتحها - إذا سقط من أعلى إلى أسفل.. قال الآلوسى وأظهر الأقوال، القول بأن المراد بالنجم، جنس النجم المعروف، فإن اصله اسم جنس لكل كوكب. وعلى القول بالتعيين، فالأظهر القول بأنه الثريا ووراء هذين القولين، القول بأن المراد به المقدار النازل من القرآن... وقوله - سبحانه - { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ }. جواب القسم. و " ما " نافية. و " ضل " من الضلال، والمراد به هنا عدم الاهتداء إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم. و " غوى " من الغى، وهو الجهل الناشىء من اعتقاد فاسد، وهو ضد الرشد.. و " الهوى " الميل مع شهوات النفس، دون التقيد بما يقتضيه الحق، أو العقل السليم. والمعنى وحق النجم الذى ترونه بأعينكم - أيها المشركون - عند غروبه وأفوله، وعند رجمنا به للشياطين.. إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - الذى أرسلناه إليكم -إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } ما ضل عن طريق الحق فى أقواله وأفعاله، وما كان رأيه مجانبا للصواب فى أمر من الأمور، وما ينطق بنطق صادر عن هوى نفسه ورأيه، وإنما ينطق بما نوحيه إليه من قرآن كريم، ومن قول حيكم، ومن توجيه سديد. وقد أقسم - سبحانه - بالنجم عند غروبه، للإِشعار بأن هذا المخلوق العظيم مسخر لإِرادة الله - تعالى - وقدرته فهو مع لمعانه وظهوره فى السماء لا يتأبى عن الغروب والأفول، إذا ما أراد الله - تعالى - له ذلك، ولا يصلح أن يكون إلها، لأنه خاضع لإِرادة خالقه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9