الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلطُّورِ } * { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } * { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } * { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } * { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } * { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } * { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } * { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } * { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } * { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } * { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } * { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } * { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

افتتح الله - تعالى - هذه السورة الكريمة بالقسم خمسة أشياء هى من أعظم مخلوقاته، للدلالة على كمال قدرته، وبديع صنعته، وتفرد ألوهيته.. فقال - سبحانه - { وَٱلطُّورِ } والمراد به جبل الطور، والمشار إليه فى قوله - تعالى -وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ } قال القرطبى والطور اسم الجبل الذى كلم الله - تعالى - عليه موسى، أقسم الله به تشريفا وتكريما له، وتذكيرا لما فيه من الآيات.. وقيل إن الطور اسم لكل جبل أنبت، ومالا ينبت فليس بطور. { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } أى مكتوب متسق الكتابة، منتظم الحروف، مرتب المعانى، فالمراد بالكتاب المكتوب. وبالمسطور الذى سطرت حروفه وكلماته تسطيرا جميلا حسنا. والأظهر أن المقصود به القرآن الكريم، لأن الله - تعالى - قد أقسم به كثيراً، ومن ذلك قوله - سبحانه -حـمۤ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } يسۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْحَكِيمِ } وقيل المقصود به جنس الكتب السماوية المنزلة. وقيل صحائف الأعمال. قال الألوسى قوله { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } أى مكتوب على وجه الانتظام، فإن السطر ترتيب الحروف المكتوبة. والمراد به على ما قال الفراء الكتاب الذى تكتب فيه الأعمال، ويعطاه العبد يوم القيامة بيمينه أو بشماله، وقال الكلبى هو التوراة. وقيل القرآن الكريم وقيل اللوح المحفوظ. وقوله فى { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } متعلق بمسطور. أى مسطور فى رق. والرق - بالفتح - كل ما يكتب فيه من ألواح وغيرها. وأصله الجلد الرقيق الذى يكتب عليه. والمنشور المبسوط، ومنه قوله - تعالى -وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } أى أن هذا الكتاب المسطور، كائن فى صحائف مبسوطة ظاهرة لكل من ينظر إليها. وقوله. { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } هو بيت فى السماء السابعة تطوف به الملائكة بأمر الله - تعالى -. قال ابن كثير ثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فى حديث الإِسراء والمعراج، بعد مجاوزته إلى السماء السابعة " ثم رفع بى إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله فى كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ". وقيل المراد بالبيت المعمور هنا البيت الحرام، وسمى بذلك لأنه معمور بالحجاج والعمار، { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } ، أى والسماء المرفوعة، وسميت سقفا لكونها بمثابة السقف للأرض كما قال - تعالى -وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } أى المملوء بالماء، يقال، سجر فلان الحوض إذا ملأه بالماء. أو المسجور بمعنى المملوء بالنار من السَّجْر، وهو إيقاد النار فى التنور، ومنه قوله - تعالى -... ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } والمراد بالبحر هنا جنسه. قال ابن عباس تملأ البحار كلها يوم القيامة بالنار، فيزاد بها فى نار جهنم.

السابقالتالي
2 3