الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } * { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } * { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } * { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } * { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ } * { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } * { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } * { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } * { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } * { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } * { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ }

والمراد بالذاريات الرياح التى تذرو الشىء، أى تسوقه وتحركه وتنقله من مكانه. فهذا اللفظ اسم فاعل من ذرا المعتل، بمعنى فرَّق وبدّد. يقال ذَرَت الرياح التراب تذروه ذَرْواً، وتَذْرِيه ذَرْياً - من بابى عدا ورمى - إذا طيرته وفرقته. ومنه قوله - تعالى -وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ.. } أى تنقله وتحركه من مكان إلى آخر. والمفعول محذوف، و " ذروا " مصدر مؤكد، وناصبه لفظ الذاريات، أى وحق الرياح التى تذروا التراب وغيره ذروا، وتحركه تحريكا شديدا. والمراد بالحاملات السحب التى تحمل الأمطار الثقيلة، فتسير بها من مكان إلى آخر. والوقر - بكسر الواو - كالحمل وزنا ومعنى، وهو مفعول به. أى فالسحب الحاملات للأمطار الثقيلة، وللمياه الغزيرة، التى تنزل على الأرض اليابسة، فتحولها - بقدرة الله - تعالى - إلى أرض خضراء. وهذا الوصف للسحاب بأنه يحمل الأمطار الثقيلة، قد جاء ما يؤيده من الآيات القرآنية، ومن ذلك قوله - تعالى -وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ.. } وقوله - سبحانه -هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ.. } والمراد بالجاريات السفن التى تجرى فى البحر، فتنقل الناس وأمتعتهم من بلد إلى بلد. وقوله { يُسْراً } صفة لمصدر محذوف بتقدير مضاف، أى فالجاريات بقدرة الله - تعالى - فى البحر جريا ذا يسر وسهولة، إلى حيث يسيرها ربانها. ويصح أن يكون قوله { يُسْراً } حال. أى فالجاريات فى حال كونها ميسرة مسخرا لها البحر. ومن الآيات التى تشبه فى معناها هذه الآية قوله - تعالى -وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } والمراد بالمقسمات فى قوله - سبحانه - { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } الملائكة، فإنهم يقسمون أرزاق العباد وأمورهم وشئونهم.. على حسب ما يكلفهم الله - تعالى - به من شئون مختلفة. و { أَمْراً } مفعول به، للوصف الذى هو المقسمات، وهو مفرد أريد به الجمع، أى المقسمات لأمور العباد بأمر الله - تعالى - وإرادته. وهذا التفسير لتلك الألفاظ، قد ورد عن بعض الصحابة، فعن أبى الطفيل أنه سمع عليا - رضى الله عنه - يقول - وهو على منبر الكوفة - لا تسألونى عن آية فى كتاب الله، ولا عن سنة رسول الله، إلا أنبأتكم بذلك، فقام إليه ابن الكواء فقال يا أمير المؤمنين. ما معنى قوله - تعالى - { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } قال الريح. { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } قال السحاب. { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } قال السفن، { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } قال الملائكة. وروى مثل هذا التفسير عن عمر بن الخطاب، وعن ابن عباس.

السابقالتالي
2 3 4