الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } * { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } * { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ } * { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } * { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } * { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }

وهذه القصة التى تحكى لنا هنا ما دار بين إبراهيم - عليه السلام - وبين الملائكة الذين جاءوا لبشارته بابنه إسحاق، ولإخباره بإهلاك قوم لوط، قد وردت قبل ذلك فى سورتى هود والحجر. وقد افتتحت هنا بأسلوب الاستفهام { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } للإِشعار بأهمية هذه القصة، وتفخيم شأنها، وبأنها لا علم بها إلا عن طريق الوحى... وقيل إن هل هنا بمعنى قد. والمعنى هل أتاك - أيها الرسول الكريم - حديث ضيف إبراهيم المكرمين؟ إننا فيما أنزلناه عليك من قرآن كريم، نقص عليك قصتهم بالحق الذى لا يحوم حوله باطل، على سبيل التثبيت لك، والتسلية لقلبك. والضيف فى الأصل مصدر بمعنى الميل، يقال ضاف فلان فلانا إذا مال كل واحد منهما نحو الآخر، ويطلق على الواحد والجماعة. والمراد هنا جماعة الملائكة الذين قدموا على إبراهيم - عليه السلام - وعلى رأسهم جبريل، ووصفهم بأنهم كانوا مكرمين، لإِكرام الله - تعالى - لهم بطاعته وامتثال أمره. ولإِكرام إبراهيم لهم، حيث قدم لهم أشهى الأطعمة وأجودها. قال الآلوسى قيل كانوا اثنى عشر ملكا وقيل كانوا ثلاثة جبريل وإسرافيل وميكائيل. وسموا ضيفا لأنهم كانوا فى صورة الضيف، ولأن إبراهيم - عليه السلام - حسبهم كذلك، فالتسمية على مقتضى الظاهر والحسبان. وبدأ بقصة إبراهيم وإن كانت متأخرة عن قصة عاد، لأنها أقوى فى غرض التسلية. والظرف فى قوله { إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ.. } متعلق بلفظ { حَدِيثُ } السابق. أى هل بلغك حديثهم الواقع فى وقت دخولهم عليه.. أو بمحذوف تقديره اذكر، أى اذكر وقت أن دخلوا عليه { فَقَالُواْ سَلاَماً } ، أى فقالوا نسلم عليك سلاما. { قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } أى قال إبراهيم فى جوابه عليهم عليكم سلام، أنتم قوم منكرون أى غير معروفين لى قبل ذلك. قال صاحب الكشاف أنكرهم للسلام الذى هو علم الإِسلام، أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، أو من جنس الناس الذين عهدهم.. أو رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالا لهم، كأنه قال أنتم قوم منكرون فعرفونى من أنتم... وقيل إن إبراهيم قد قال ذلك فى نفسه، والتقدير هؤلاء قوم منكرون، لأنه لم يرهم قبل ذلك. وقال إبراهيم فى جوابه عليهم { سَلاَمٌ } بالرفع، لإِفادة الدوام والثبات عن طريق الجملة الاسمية، التى تدل على ذلك، وللإِشارة إلى أدبه معهم، حيث رد على تحيتهم بأفضل منها. ثم بين - سبحانه - ما فعله إبراهيم بعد ذلك فقال { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } أى فذهب إلى أهله فى خفية من ضيوفه. فجاء إليهم بعجل ممتلىء لحما وشحما. يقال راغ فلان إلى كذا، إذا مال إليه فى استخفاء وسرعة.

السابقالتالي
2 3