الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

والمراد بقرينه فى قوله - تعالى - { وَقَالَ قَرِينُهُ... } الملك الموكل بكتابه ما يصدر عن الإِنسان فى حياته، وجاء به مفردا مع أن لكل إنسان قرينين لأن المراد به الجنس. ويصح أن يكون المراد بقرينه هنا، شيطانه الذى أضله وأغواه.. قال الآلوسى ما ملخصه قوله { وَقَالَ قَرِينُهُ... } أى شيطانه المقيض له فى الدنيا، ففى الحديث " " ما من أحد إلا وقد وكل به قرينة من الجن " قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال " ولا أنا، إلا أن الله - تعالى - أعاننى عليه، فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير ". وقوله { هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } إشارة إلى الشخص الكافر نفسه، أى هذا ما عندى قد هيأته لجهنم.. وقال قتادة قرينه الملك الموكل بسوقه وبكتابة سيئاته، يقول مشيرا إلى ما فى صحيفته وما فيها من سيئات هذا الذى فى صحيفته من سيئات مكتوب عندى، وحاضر للعرض. و " ما " نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد، أو موصولة والظرف صلتها، و " عتيد " خبر بعد خبر لإِسم الاشارة، أو خبر لمبتدأ محذوف.. ثم يقال بعد ذلك للملكين بالموكلين به، أو للسائق والشهيد { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } أى اقذفا فى جهنم باحتقار وغضب كل " كفار " أى كل مبالغ فى الجحود والكفر " عنيد " أى معاند للحق مع علمه بأنه حق.. يقال عنَد فلان عن الحق - من باب - قعد فهو عانِد وعنيد وعُنُود، إذا ركب الخلاف والعصيان وأبى أن ينقاد للحق مع علمه بأنه حق، مأخوذ من العَنْدِ وهو عظم يعرض فى الحلق فيحول بين الطعام وبين دخوله إلى الجسم. وقوله { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } صفات أخرى لذلك الكافر الملقى فى جهنم. أى مبالغ فى المنع لكل خير يجب فعله. وهو بعد ذلك كثير الاعتداء، وكثير الشك فيما هو حق وبر. { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } فى العبادة والطاعة { فَأَلْقِيَاهُ } أيها الملكان { فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } الذى يذله ويهينه. والاسم الموصول مبتدأ يشبه الشرط فى العموم، ولذا دخلت الفاء فى خبره وهو قوله { فَأَلْقِيَاهُ... }. { قَالَ قرِينُهُ } أى شيطانه الذى كان يزين له السوء فى الدنيا.. والجملة مستأنفة لأنها جواب عما يزعمه الكافر يوم القيامة من أن قرينه هو الذى أغواه وحمله على الكفر.. أى قال الشيطان فى رده على الكافر يا ربنا إننى ما أطغيته، ولا أجبرته على الكفر والعصيان { وَلَـٰكِن } هو الذى { كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } دون أن أكرهه أنا على هذا الضلال أو الكفر. وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى -وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ }

السابقالتالي
2 3