الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }

وردت أحاديث متعددة فى سبب نزول هذه الآيات الكريمة، ومن ذلك ما أخرجه البخارى عن ابن عمر - رضى الله عنهما - أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة قد زنيا. فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما تجدون فى التوراة فى شأن الرجم؟ فقالوا نفضحهم ويجلدون. فقال عبد الله بن سلام كذبتم. إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها. فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك. فرفع يده فإذا آية الرجم، فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما. فقال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يميل نحو المرأة يقيها الحجارة. وروى مسلم فى صحيحه عن البراء بن عازب قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودى محمم مجلود - أى قد وضع الفحم الأسود على وجهه للتنكيل به -. فدعاهم فقال. هكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم؟ فقالوا نعم فدعا رجلا من علمائهم فقال انشدك بالذى أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزانى فى كتابكم؟ فقال لا والله ولولا أنك نشدتنى بهذا لم أخبرك، تجد حد الزانى فى كتابنا الرجم، ولكنه كثر فى أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه. وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. فقلنا تعالوا حتى نجعل شيئاً نقيمه على الشريف والوضيع. فاجتمعنا على التحميم والجلد - مكان الرجم. فقال النبى صلى الله عليه وسلم اللهم إنى أول من أحيا أمرك إذ أماتوه قال فأمر به فرجم. قال فأنزل الله - تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ }. وأخرج الإِمام أحمد عن ابن عباس قال إن الله أنزلوَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ } فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } قال ابن عباس أنزلها الله فى الطائفتين من اليهود. وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى فى الجاهلية، حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا. وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق. فكانوا على ذلك حتى قدم النبى صلى الله عليه وسلم فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا لنا بمائة وسق فقالت الذليلة وهل كان فى حيين دينهما واحد ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنما أعطيناكم هاذ خوفا منكم، فأما إذ قدم محمد صلى الله عليه وسلم فلا نعطيكم، فكادت الحرب تهيج بينهما. ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حكما بينهم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد