الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } * { مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

قال أبو حيان فى البحر " مناسبة هذه الآيات لما قبلها، هو أن الله لما ذكر تمرد بنى إسرائيل وعصيانهم أمره فى النهوض لقتال الجبارين، أتبع ذلك بذكر قصة ابنى آدم وعصيان قابيل أمر الله، وأنهم اقتفوا فى العصيان أول عاص لله وأنهم انتهوا فى خور الطبيعة. وهلع النفوس والجبن والفزع إلى غاية بحيث قالوا لنبيهم الذي ظهرت على يديه خوارق عظيمة -فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } وانتهى قابيل إلى طرف نقيض منهم من الجسارة والعتو بأن أقدم على أكبر المعاصى بعد الشرك وهو قتل النفس التى حرم الله قتلها، بحيث كان أول من سن القتل، وكان عليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة. فاشتبهت القصتان من حيث الجبن عن القتل والإِقدام عليه. ومن حيث المعصية بهما وأيضاً فتقدم قوله فى أوائل الآياتإِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } وتبين أن عدم اتباع بنى إسرائيل للنبى صلى الله عليه وسلم إنما سببه الحسد، وقصة بنى آدم انطوت على الحسد وأن بسببه وقعت أول جريمة قتل على ظهر الأرض. وقوله واتل من التلاوة. وأصل التلاوة القراءة المتتابعة الواضحة فى مخارج حروفها. وفى النطق بها. والمراد بابنى آدم ولداه وهما قابيل وهابيل. قال القرطبى واختلف فى ابنى آدم. فقال الحسن البصرى ليسا من صلبه كانا رجلين من بنى إسرائيل - ضرب الله بهما المثل فى إبانة حسد اليهود - وكان بينهما خصومة، فتقربا بقربانين، ولم تكن القرابين إلا فى بنى إسرائيل قال ابن عطية وهذا وهم، وكيف يجهل صورة الدفن أحد من بنى إسرائيل يقتدى بالغراب؟ والصحيح أنهما ابناه لصلبه. هذا قول الجمهور من المفسرين وهما قابيل وهابيل. والضمير فى قوله عليهم يعود على بنى إسرائيل الذين سبق الحديث عنهم. أو على جميع الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم لهدايتهم ويدخل فيه بنو إسرائيل دخولا أولياً، لإعلامهم بما هو فى كتبهم حيث وردت هذه القصة فى التوراة. وقوله بالحق متعلق بمحذوف وقع صفة لمصدر اتل أى اتل عليهم تلاوة ملتبسة بالحق والصدق. والقربان اسم لما يتقرب به إلى الله - تعالى - من صدقة أو غيرها. ويطلق فى أكثر الأحوال على الذبائح التى يتقرب إلى الله - بذبحها. قال أبو حيان وقد طول المفسرون فى سبب تقريب هذا القربان - من قابيل وهابيل - وملخصه أن حواء كانت تلد فى كل بطن ذكراً وأنثى، وكان آدم يزوج ذكر هذا البطن أنثى ذلك البطن الآخر. ولا يحل للذكر نكاح توأمته فولد مع قابيل أخت جميلة، وولد مع هابيل أخت دون ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10