الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } * { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { يٰقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

قال القرطبى ما ملخصه قوله - تعالى - { وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ... } هذا توبيخ لمشركى قريش. أى أن الجن سمعوا القرآن فآمنوا به وعلموا أنه من عند الله، وأنتم معرضون مصرون على الكفر.. قال المفسرون لما مات أبو طالب، خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف، يلتمس من أهلها النصرة، ويدعوهم إلى الإِيمان.. أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويضحكون به.. فانصرف - صلى الله عليه وسلم - عنهم، حتى إذا كان ببطن نخلة - وهو موضع بين مكة والطائف - قام يصلى من الليل، فمر به نفر من جن نصيبين - وهو موضع قرب الشام - فاستمعوا إليه وقالوا أنصتوا.. وهناك روايات أخرى كثيرة فى عدد هؤلاء الجن، وفى الأماكن التى التقوا فيها مع النبى - صلى الله عليه وسلم - عليهم، وفيمن كان مع النبى - صلى الله عليه وسلم - خلال التقائه بهم.. ويبدو لنا من مجموع هذه الروايات أن لقاء النبى - صلى الله عليه وسلم - بالجن قد تعدد، وأن هذه الآيات تحكى لقاء معينا، وسورة الجن تحكى لقاء آخر. قال الآلوسى وقد أخرج الطبرانى فى الأوسط، وابن مردويه عن الحبر، أى عن ابن عباس أنه قال صرفت الجن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين. وذكر الخفاجى أنه قد دلت الأحاديث، على أن وفادة الجن كانت ست مرات، ويجمع بذلك اختلاف الروايات فى عددهم، وفى غير ذلك. و " النفر " على المشهور - ما بين الثلاة والعشرة من الرجال وهو مأخوذ من النفير، لأن الرجل إذا حزبه أمر نفر بعض الناس الذين يهتمون بأمره لإِغاثته. والمعنى واذكر - أيها الرسول الكريم - لقومك، وقت أن صرفنا إليك، ووجهنا نحوك، نفراً من الجن، يستمعون القرآن منك. { فَلَمَّا حَضَرُوهُ } أى فحين حضروا القرى، عند تلاوته منك، أو فحين حضروا مجلسك { قَالُوۤاْ } على سبيل التناصح - { أَنصِتُواْ } أى قال بعضهم لبعض اسكتوا لأجل أن نستمع إلى هذا القرآن، وهذا يدل على سمو أدبهم وحرصهم على تلقى العلم. { فَلَمَّا قُضِيَ } أى فحين انتهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قراءته. { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } أى انصرفوا إلى قومهم ليخوفوهم من عذاب الله - تعالى - إذا ما عصوه أو خالفوا أمره - سبحانه -. { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ.. } أى وبعد أن انصرفوا إلى قومهم منذرين، ووصلوا إليهم. قالوا لهم يا قومنا إنا سمعنا كتابا عظيم الشأن، جليل القدر، أنزل من بعد نبى الله - تعالى - موسى - عليه السلام -.

السابقالتالي
2 3