الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } * { وَقَالُوۤاْ ءَأَ ٰلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلاَئِكَةً فِي ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } * { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } * { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

ذكر المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى - { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً.. } روايات منها أنه لما نزل قوله - تعالى -وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ... } تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا ما يريد محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا أن نتخذه إلها، كما اتخذت النصارى عيسى ابن مريم فأنزل الله - تعالى - { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً.. }. وقال الواحدى أكثر المفسرين على أن هذه الآية، " نزلت فى مجادلة ابن الزبعرى - قبل أن يسلم - مع النبى - صلى الله عليه وسلم - فإنه لما نزل قوله - تعالى - { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ }. قال ابن الزبعرى خصمتك - يا محمد - ورب الكعبة. أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فإن كان هؤلاء فى النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا فى النار؟. فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم - " ما أجهلك بلغة قومك؟ أما فهمت أن ما لما لا يعقل " ؟. وفى رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له " إنهم يعبدون الشيطان " وأنزل الله - تعالى - { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ }. وكلمة { يَصِدُّونَ } قرأها الجمهور بكسر الصاد. وقرأها ابن عامر والكسائى بضم الصاد. وهما بمعنى واحد. ومعناهما يضجون ويصيحون فرحا. يقال صد يصد - بكسر الصاد وضمها - بمعنى ضج - كعكف - بضم الكاف وكسرها. ويرى بعضهم أن { يَصِدُّونَ } - بكسر الصاد - بمعنى يضجون ويصيحون ويضحكون.. وأن { يَصِدُّونَ } - بضم الصاد - بمعنى الصاد - بمعنى يعرضون. من الصد بمعنى الإِعراض عن الحق. والمعنى وحين ضرب ابن الزبعرى، عيسى ابن مريم مثلا، وحاجك بعبادة النصارى له، فاجأك قومك - كفار قريش - بسبب هذه المحاجة، بالصياح والضجيج والضحك، فرحا منهم بما قاله ابن الزبعرى، وظنا منهم أنه قد انتصر عليك فى الخصومة والمجادلة. فمن فى قوله { مِنْهُ } الظاهر أنها للسببية، كما فى قوله - تعالى -مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً... } والمراد بالمثل هنا الحجة والبرهان. قال الآلوسى والحجة لما كانت تسير مسير الأمثال شهرة، قيل لها مثل. أو المثل بمعنى المثال. أى جعله مقياسا وشاهدا على إبطال قوله - صلى الله عليه وسلم - إن آلهتهم من حصب جهنم، وجعل عيسى - عليه السلام - نفسه مثلا من باب الحج عرفة. ثم بين - سبحانه - أقوالهم التى بنو عليها باطلهم فقال { وَقَالُوۤاْ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ }؟ والضمير { هُوَ } يعود إلى عيسى - عليه السلام -.

السابقالتالي
2 3 4 5