الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }

سورة " الشورى " من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى، وقد سبق أن ذكرنا أن أقرب الأقوال الى الصواب فى المقصود بهذه الحروف، أنها وردت فى افتتاح بعض السور على سبيل الإِيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن. فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك المعارضين فى أن القرآن من عند الله هاكم القرآن ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم، ومنظوما من حروف هى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم، فإن كنتم فى شك من أنه منزل من عند الله، فهاتوا مثله أو عشر سور من مثله، أو سورة من مثله.. فعجزوا وانقلبوا خاسرين، وثبت أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - وقد ذكر بعض المفسرين عند تفسيره لهذه السورة آثارا واهية، رأينا أن نذكر بعضها للتنبيه على سقوطها. قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه وقد روى الإِمام ابن جرير ها هنا أثرا غريبا عجيبا منكرا، فقال جاء رجل إلى ابن عباس فقال له - وعنده حذيفة ابن اليمان - أخبرنى عن تفسير قول الله - تعالى - { حـمۤ عۤسۤقۤ }. فأطرق ابن عباس ثم أعرض عنه. فقال حذيفة للرجل أنا أنبئك بها، قد عرفتُ لم كرهها؟ نزلت فى رجل من أهل بيته يقال له " عبد الإِله " أو عبد الله، ينزل على نهر من أنهار الشرق، تبنى عليه مدينتان، يشق النهر بينهما شقا. فإذا أذن الله فى زوال ملكهم.. بعث الله على إحداهما نارا ليلا.. ثم بخسف الله - تعالى - بالأخرى فذلك قوله { حـمۤ عۤسۤقۤ }. يعنى عزيمة من الله وفتنة وقضاء حُمَّ { حـمۤ } ، وعين، يعنى عدلا منه، وسين يعنى سيكون، وق، يعنى واقع بهاتين المدينتين.. والكاف فى قوله - تعالى - { كَذَلِكَ } بمعنى مثل، واسم الإِشارة يعود إلى ما اشتملت عليه هذه السورة الكريمة من عقائد وأحكام وآداب. أى مثل ما فى هذه السورة الكريمة من دعوة إلى وحدانية الله، وإلى مكارم الأخلاق، أوحى الله به إليك وإلى الرسل من قبلك، لتبلغوه للناس كى يعتبروا ويتعظوا. قال الآلوسى ما ملخصه قوله - تعالى - { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } كلام مستأنف، وارد لتحقيق أن مضمون السورة، موافق لما فى تضاعيف الكتب المنزلة، على سائر الرسل المتقدمين فى الدعوة إلى التوحيد والإِرشاد إلى الحق. والكاف مفعول { يُوحِيۤ } أى يوحى مثل ما فى هذه السورة من المعانى.. وجئ بقوله { يُوحِيۤ } بدل { أوحى } للدلالة على استمراره فى الماضى، وأن إيحاء مثله، عادته - تعالى - و { ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } صفتان له - عز وجل -.

السابقالتالي
2 3