الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } * { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } * { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } * { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } * { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } * { أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ }

وقوله - تعالى - { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ.. } بيان لانفراد الخالق - عز وجل - بوقت قيام الساعة، وبإحاطة علمه - تعالى - بكل شئ، وإرشاد للمؤمنين إلى ما يقولونه إذا ما سئلوا عن ذلك. والأكمام جمع كم - بكسر الكاف - وهو الوعاء الذى تكون الثمرة بداخله. أى إلى الله - تعالى - وحده مرجع علم قيام الساعة، وما تخرج ثمرات من أوعيتها الكائنة بداخلها، وما تحمل من أنثى حملا ولا تضعه إلا بعلمه وإرادته - عز وجل - و " من " فى قوله { مِن ثَمَرَاتٍ } وفى قوله { مِنْ أُنْثَىٰ } مزيدة لتأكيد الاستغراق. وفى قوله { مِّنْ أَكْمَامِهَا } ابتدائية. قال الجمل " فإن قلت قد يقول الرجل الصالح قولا فيصيب فيه، وكذلك الكهان والمنجمون. قلت أما قول الرجل الصالح فهو من إلهام الله، فكان من علمه - تعالى - الذى يرد إليه، وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم فى شئ ما يقولونه ألبتة، وإنما غايته ادعاء ظن ضعيف قد لا يصيب. وعلم الله - تعالى - هو العلم اليقين المقطوع به الذى لا يشركه فيه أحد. ثم بين - سبحانه - تبرُّأ المشركين من آلهتهم يوم القيامة فقال { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ. وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ }. والظرف " يوم " منصوب بفعل مقدر، ومعنى " آذناك " أعلمناك وأخبرناك، آذان فلان غيره يؤذنه، إذا أعلمه بما يريد إعلامه به. والنداء والسؤال إنما لتوبيخهم والتهكم بهم فى هذا الموقف العظيم. والظن هنا بمعنى اليقين. أى واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ يوم ينادى الله - تعالى - المشركين فيقول لهم يوم القيامة أين شركائى الذين كنتم تعبدونهم من دونى ليقربوكم إلى أو ليشفعوا لكم عندى؟ { قَالُوۤا } على سبيل التحسر والتذلل يا ربنا لقد { آذَنَّاكَ } أى لقد أعلمناك بأنه مامنا أحد يشهد بأن لك شريكا، فقد انكشفت عنا الحجب، واعترفنا بأنك أنت الواحد القهار. { وَضَلَّ عَنْهُم } أى وغاب عن هؤلاء المشركين، ما كانوا يدعون من قبل أى ما كانوا يعبدونه فى الدنيا من أصنام وغيرها. { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أى وأيقنوا بأنه لا مهرب ولا منجى لهم من العذاب. يقال حاص يحيص حيصا ومحيصا إذا هرب. وقوله - تعالى - { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِنْ مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } بيان لما جبل عليه الإِنسان من حب للمال وغيره من ألوان النعم.

السابقالتالي
2 3 4