الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } * { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } * { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ }

ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات والتى قبلها روايات تتعلق بما بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين بعض المشركين، منها ما ذكره محمد بن كعب القرظى قال " حدثت أن عتبة بن ربيعة قال يوماً لقريش - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه، وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها. فقالوا بلى يا أبا الوليد، فقم إليه فكلمه. فقام إليه عتبة فقال " يا محمد، يابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السلطة - أي من الشرف - في العشيرة وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل بعضها. ثم قال إنْ كنت - يا بن أخي - تريد مالاً أعطيناك من المال حتى تكون أكثرنا مالاً، وإنْ كنت تريد ملكاً جعلناك ملكاً علينا.. وإنْ كان الذي يأتيك رئيا تراه - أي ترى بعض الجن - طلبنا لك الطب حتى تبرأ. فلما فرغ عتبة قال صلى الله عليه وسلم " أفرغت يا أبا الوليد؟ " قال نعم. قال " فاسمع مني " قال أفعل فتلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم من أول سورة " فصلت ". - وفى رواية أنه لما بلغ قوله - تعالى - { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ.. } قال له عتبة حسبك ما عندك غير هذا. ثم عاد عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض لقد جاءكم عتبة بوجه غير الذى ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا له ماوراءك يا أبا الوليد؟ فقال لقد سمعت من محمد صلى الله عليه وسلم قولا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة. يا معشر قريش، أطيعونى واجعلوها لى، خَلّوا بين الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذى سمعت نبأ. فقالوا لقد سحرك محمد صلى الله عليه وسلم فقال " هذا رأيى فيه فاصنعوا ما بدا لكم " فقوله - تعالى - { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } تهديد لهؤلاء المشركين، بعد أن وضح الحق لهم فى أكمل صورة.. والصاعقة - كما يقول ابن جرير - كل أمر هائل رآه الرائى أو عاينه أو أصابه، حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب وذهاب عقل، يكون مصعوقا.. والمراد بها هنا العذاب الشديد الذى أنزله الله - تعالى - على قوم عاد وثمود فصعقهم وأهلكهم.

السابقالتالي
2 3 4