الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } * { قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } * { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } * { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ }

و { إِذْ } فى قوله - تعالى - { وَإِذْ يَتَحَآجُّونَ فِي ٱلنَّـارِ } متعلق بمحذوف تقديره اذكر، أى واذكر - أيها الرسول الكريم - لقومك ليعتبروا ويتعظوا وقت أن يتخاصم أهل النار فيما بينهم. { فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ } منهم { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ } فى الدنيا وكانوا رؤساء وقادة { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً } أى إنا كنا فى الدنيا تابعين لكم، ومنقادين لهواكم ومسخرين لخدمتكم.. والاستفهام فى قوله - تعالى - { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } للطلب المصحوب بالرجاء والاستجداء.. أى هذا هو حالنا أمامكم، وقد كنا فى الدنيا منقادين لكم انقياد العبد لسيده، فادفعوا عنا شيئا من هذا العذاب المهين الذى نزل بنا، فطالما دافعنا عنكم فى الدنيا وسرنا وراءكم بدون تفكير أو معارضة.. وقوله { نَصِيباً } منصوب بفعل مقدر يدل عليه قوله { مُّغْنُونَ } أى فهل أنتم تدفعون عنا جزءا من العذاب الذى نحن فيه، وتحملون عنا نصيبا منه. وهنا يرد عليهم المستكبرون، بضيق وملل. ويحكى القرآن ذلك فيقول { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤا } أى للضعفاء. { إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ } أى إنا نحن وأنتم جميعا فى جهنم، فكيف ندفع عنكم شيئا من العذاب، وإننا لو كانت عندنا القدرة على دفع شئ من العذاب، لدفعناه عن أنفسنا. لفظ { كل } مبتدأ، وفيها متعلق بمحذوف خبر، والجملة من المبتدأ والخبر، خبر إن. وجملة { إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } من جملة الرد، أى إن الله - تعالى - قد حكم بين العباد بحكمه العادل، فجعل للمؤمنين الجنة، وجعل للكافرين النار وقدر لكل منا ومنكم عذابا لا تغنى فيه نفس عن نفس شيئا. وبعد أن يئس الكل من نصرة بعضهم لبعض، اتجهوا جميعا نحو خزنة جهنم لعلهم يشفعون لهم عند ربهم، ويحكى القرآن ذلك فيقول { وَقَالَ ٱلَّذِينَ فِي ٱلنَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } وهم الملائكة المكلفون بتعذيب الكافرين. قالوا لهم { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ } أى ادعوا ربكم أن يخفف عنا يوما واحدا من الأيام الكثيرة التى ينزل علينا العذاب فيها بدون انقطاع، لعلنا فى هذا اليوم نستطيع أن نلتقط أنفاسنا التى مزقها العذاب الدائم. وهنا يرد عليهم خزنة جهنم بقولهم { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } أى قالوا لهم على سبيل التوبيخ والتأنيب أو لم تك رسلكم فى الدنيا تنذركم بسوء مصير الكافرين، وتأتيكم بالمعجزات الواضحات الدالة على صدقهم. { قَالُواْ بَلَىٰ } أى الكافرون لخزنة جهنم بلى أتونا بكل ذلك فكذبناهم. وهنا رد عليهم الخزنة بقولهم ما دام الأمر كما ذكرتم من أن الرسل قد نصحوكم ولكنكم أعرضتم عنهم { فَٱدْعُواْ } ما شئتم فإن الدعاء والطلب والرجاء لن ينفعكم شيئا. { وَمَا دُعَاءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } أى وما دعاء الكافرين وتضرعهم إلا فى ضياع وخسران.

السابقالتالي
2 3