الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } * { دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قال الآلوسى قوله - تعالى - { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ }. شروع فى الحث على الجهاد ليأنفوا عن تركه، وليرغبوا عما يوجب خللا فيه. والمراد بالقاعدين الذين أذن لهم فى القعود عن الجهاد اكتفاء بغيرهم. وروى البخارى عن ابن عباس هم القاعدون عن بدر وهو الظاهر الموافق للتاريخ على ما قيل. وقال أبو حمزة إنهم المتخلفون عن تبوك. وروى أن الآية نزلت فى كعب بن مالك من بنى سلمة ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف. وهلال بن أمية من بنى واقف حين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم فى تلك الغزوة ". وقوله { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } جملة معترضة جئ بها لبيان أنهم غير مقصودين بعدم المساواة مع المجاهدين فى الأجر. والضرر مصد ضرِر مثل مرض. وهذه الزنة تجئ - غالبا - فى العاهات ونحوها، مثل عمى وحصر وعرج ورِمد. والمراد بقوله { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } أى غير أصحاب العلل والأمراض التى تحول بينهم وبين الجهاد فى سبيل الله من عمى أو عرج أو ضعف أو غير ذلك من الأعذار. وقد روى المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى - { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } روايات منها ما أخرجه البخارى عن البراء قال لما نزلت { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فكتبها جاء ابن أم مكتوب فشكا ضرارته. فأنزل الله { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ }. وقال القرطبى روى الأئمة - واللفظ لأبى داود عن زيد بن ثابت قال كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذى فما وجدت ثقل شئ أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرى عنه فقال " أكتب " فكتبت فى كتف - أى فى عظم عريض كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم - { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }.... الآية. فقام ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضيلة المجاهدين فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله السكينة فوقعت فخذه على فخذى. ووجدت من ثقلها فى المرة الثانية كما وجدت فى المرة الأولى ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ يا زيد. فقرأت { لا يستوى القاعدون من المؤمنين }. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } الاية كلها. قال زيد فأنزلها الله وحدها فألحقتها. والذى نفسى بيده لكأنى أنظر إلى ملحقها عند صدع فى كتف.

السابقالتالي
2 3 4