الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } * { ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً }

روى المفسرون فى سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها ما أخرجه ابن جرير عن سعيد بن جبير قال " جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم يا فلان مالى أراك محزونا؟ فقال الرجل يا نبى الله شئ فكرت فيه. فقال ما هو؟ قال نحن نغدو عليك ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك. وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك. فلم يرد النبى صلى الله عليه وسلم شيئا. فأتاه جبريل بهذه الآية. { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } " . الخ. قال فبعث إليه النبى صلى الله عليه وسلم فبشره ". والمعنى { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ } بالانقياد لأمره ونهيه، ويطع { وَٱلرَّسُولَ } فى كل ما جاء به من ربه " فأولئك " المطيعون { مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } بالنعم التى تقصر العبارات عن تفصيلها وبيانها. وقوله { مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ } بيان للمنعم عليهم الذين سيكون المطيع فى صحبتهم ورفقتهم. أى فأولئك المتصفون بتمام الطاعة لله - تعالى - ولرسوله صلى الله عليه وسلم، يكونون يوم القيامة فى صحبة الأنبياء الذين أرسلهم مبشرين ومنذرين فبلغوا رسالته ونالوا منه - سبحانه - أشرف المنازل. وبدأ - سبحانه - بالنبيين لعلو درجاتهم، وسمو منزلتهم على من عداهم من البشر. وقوله { وَٱلصِّدِّيقِينَ } جمع صديق وهم الذين صدقوا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تصديقا لا يخالجه شك، ولا تحوم حوله ريبة، وصدقوا فى دفاعهم عن عقيدتهم وتمسكهم بها، وسارعوا إلى ما يرضى الله بدون تردد أو تباطؤ. وقوله { وَٱلشُّهَدَآءِ } جمع شهيد. وهم الذين استشهدوا فى سبيل الله، ومن أجل إعلاء دينه وشريعته. وقوله { وَٱلصَّالِحِينَ } جمع صالح. وهم الذين صلحت نفوسهم، واستقامت قلوبهم وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم ونحو أنفسهم ونحو غيرهم. هؤلاء هم الأخيار الأطهار الذين يكون المطيعون لله ولرسوله فى رفقتهم وصحبتهم. قال الفخر الرازى " وليس المراد بكون من أطاع الله وأطاع الرسول مع النببين والصديقين... كون الكل فى درجة واحدة، لأن هذا يقتضى التسوية فى الدرجة بين الفاضل والمفضول. وأنه لا يجوز. بل المراد كونهم فى الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر، وإن بعد المكان، لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضا وإذا أرادوا الزيارة والتلاقى قدروا عليه. فهذا هو المراد من هذه المعية. ثم قال وقد دلت الآية على أنه لا مرتبة بعد النبوة فى الفضل والعلم إلا هذا الوصف. وهو كون الإِنسان صديقا ولذا أينما ذكر فى القرآن الصديق والنبى لم يجعل بينهما واسطة كما قال - تعالى - فى صفة إدريس

السابقالتالي
2 3