الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

قوله { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أى إذا سافرتم، وأطلق الضرب فى الأرض على السفر لأن المسافر يضرب برجله وبراحلته على الأرض. والمراد من الأرض ما يشمل البر والبحر أى إذا سافرتم - أيها المؤمنون - فى أى مكان يسافر فيه من بر أو بحر { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } أى حرج أو إثم فى { أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلاَةِ } أى فى أن تنقصوا منها ما خففه الله عنكم رحمة بكم. وقوله { تَقْصُرُواْ } من القصر وهو ضد المد. يقال قصرت الشئ أى جعلته قصيرا بحذف بعض أجزائه أو أوصافه. ومن فى قوله { مِنَ ٱلصَّلاَةِ } يجوز أن يكون زائدة للتأكيد فيكون لفظ الصلاة مفعولا به لتقصروا. ويجوز أن تكون للتبعيض فيكون المفعول محذوفا. والجار والمجرور فى موضع الصفة. أى فليس عليكم جناح فى أن تقصروا شيئا من الصلاة. وقوله { إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } جملة شرطية وجوابها محذوف دل عليه ما قبله. والمراد بالفتنة هنا إنزال الأذى بالمؤمنين. أى إن خفتم أن يتعرض لكم المشركون بما تكرهونه من القتال أو غيره حين سفركم فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. وقوله { إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } تعليل لتأكيد أخ الحذر من الكفر دائما، لأن عداوتهم للمؤمنين ظارهة، وكراهتهم لهم شديدة. أى إن الكافرين كانوا وما زالوا بالنسبة لكم - أيها المؤمنون - يظهرون العداوة، وما تخفيه صدروهم لكم من أحقاد وكراهية أشد وأكبر. وقد أكد - سبحانه - هذه العداوة بإن الدالة على التوكيد، وبكان المفيدة للدوام والاستمرار، وبوصف هذه العداوة بالسفور والظهور، لكى يحترس المسلمون منهم أشد الاحتراس. هذا، ومن الأحكام التى أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى 1- أن قصر الصلاة فى السفر سنة. ومنهم من يرى أن المصلى مخير فيه كما يخير فى الكفارات. ومنهم من يرى أنه فرض. قال القرطبى ما ملخصه واختلف العلماء فى حكم القصر فى السفر فروى عن جماعة أنه فرض وهو قول عمر بن عبد العزيز والكوفيين. واحتجوا بحديث عائشة " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين " ولا حجة فيه لمخالفتها له فإنها كانت تتم فى السفر وذلك يوهنه... وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض. ومشهور مذهبه وجل أصحابه، وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة. وهو الصحيح. ومذهب عامة البغداديين من المالكيين أن الفرض التخيير. ثم اختلفوا فى أيهما أفضل، فقال بعضهم القصر أفضل.. وقيل الإِتمام أفضل ". أما بالنسبة لمسافة السفر التى يجوز معها قصر الصلاة للعلماء فيها أقوال منها أن السفر الذى يسوغ القصر هو ما كان مسيرة ثلاثة أيام بلياليها بالسير المعتاد.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9