الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

وقوله - تعالى - { ٱحْشُرُواْ } من الحشر بمعنى الجمع مع السوق يقال حشر القائد جنده حشرا - من باب قتل - إذا جمعهم. والمحشر المكان الذى يجتمع فيه الخلائق. والمراد بالذين ظلموا المشركون الذين أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة ومن الآيات التى وردت وأطلق فيها الظلم على الشرك والكفر، قوله - تعالى -إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } وقوله - سبحانه -وَٱلْكَافِرُونَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } وقد ثبت فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم فسر الظلم بالشرك فى قوله - تعالى -ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } والمراد بأزواجهم أشباههم، ونظراؤهم وأمثالهم فى الشرك والكفر، وهذا التفسير مأثور عن عدد من الصحابة والتابعين، منهم عمر بن الخطاب، والنعمان بن بشير، وابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة ومجاهد، وأبو العالية. وقيل المراد بأزواجهم. قرناؤهم من الشياطين، بأن يحشر كل كافر مع شيطانه. وقيل المراد بهم نساؤهم اللائى كن على دينهم، بأن كن مشركات فى الدنيا كأزواجهن، ويبدو لنا أن جميع من ذكروا محشور. والعياذ بالله. إلى جهنم. إلا أن تفسير الأزواج هنا بالأشباه والنظائر والأصناف أولى، خصوصا وأن إطلاق الأزواج على الأصناف والأشباه جاء كثيرا فى القرآن الكريم ومن ذلك قوله - تعالى -سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } والمراد بما كانوا يعبدونه الآلهة الباطلة التى كانوا فى الدنيا يعبدونها من دون الله، كالأصنام والأوثان. والأمر من الله - تعالى - للملائكة فى هذا اليوم الشديد، وهو يوم القيامة. أى احشروا واجمعوا الذين كانوا مشركين فى الدنيا، واجمعوا معهم كل من كان على شاكلتهم فى الكفر والضلال، ثم اجمعوا معهم - أيضا - آلهتهم الباطلة التى عبدوها من دون الله - تعالى - ثم ألقوا بها جميعا فى جهنم، ليذوقوا سعيرها وحرها. وفى حشر الآلهة الباطلة مع عابديها، زيادة تحسير وتخجيل لهؤلاء العابدين لأنهم رأوا بأعينهم بطلان وخسران ما كانوا يفعلونه فى الدنيا. والضمير فى قوله { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } يعود إلى المشركين وأشباههم وآلهتهم. وقوله { فَٱهْدُوهُمْ } من الهداية بمعنى الدلالة على الشئ والإرشاد إليه. أى احشروهم جميعا إلى جهنم، وعرفوهم طريقها إن كانوا لا يعرفونه، وأروهم إياه إن كانوا لا يرونه. والتعبير بالهداية والصراط فيه ما فيه من التهكم بهم، والتأنيب لهم فكأنه - سبحانه - يقول بما أنهم لم يهتدوا فى الدنيا إلى الخير وإلى الحق، وإلى الصراط المستقيم، فليهتدوا فى الآخرة إلى صراط الجحيم. وقوله - سبحانه - { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } زيادة فى توبيخهم وإذلالهم، والوقف هنا بمعنى الحبس.

السابقالتالي
2 3 4