الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

قال القرطبى لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب؟ فنزلت هذه الآية { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ.. }. فالآية الكريمة مسوقة لبيان من لا يجب على النساء أن يحتجبن منه. أى لا حرج ولا إثم على أمهات المؤمنين ولا على غيرهن من النساء. فى ترك الحجاب بالنسبة لآبائهن، أو أبنائهن أو أخوانهن، أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن، أو نسائهن اللاتى تربطن بهن رابطة قرابة أو صداقة، أو ما ملكت أيمانهن من الذكور أو الإِناث. فهؤلاء يجوز للمرأة أن تخاطبهم بدون حجاب، وأن تظهر أمامهم بدون ساتر. وهذا لون من ألوان اليسر والسماحة فى شريعة الإِسلام. ولم يذكر سبحانه - العم والخال، لأنهما يجريان مجرى الوالدين، وقد يسمى العم أبا. كما فى قوله - تعالى - حكاية عن يعقوبأَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } وإسماعيل كان عم اليعقوب لا أبا له. قال الجمل وقوله { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } أى ولا جناح على زوجات النبى صلى الله عليه وسلم فى عدم الاحتجاب عن نسائهن، أى عن النساء المسلمات وإضافتهن لهن من حيث المشاركة فى الوصف، وهو الإِسلام، وأما النساء الكافرات فيجب على أزواج النبى الاحتجاب عنهن. كما يجب على سائر المسلمات. أى ما عدا ما يبدو عند المهنة، أما هو فلا يجب عل المسلمات حجبه وستره عن الكافرات. وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - فى سورة النوروَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ... } الآية. ثم عقب. سبحانه هذا الترخيص والتيسير بقوله { وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }. والجملة الكريمة معطوفة على محذوف، والتقدير لقد أبحت لكن يا معشر النساء مخاطبة هؤلاء الأصناف بدون حجاب فامتثلن أمرى، واتقين الله - تعالى - فى كل أحوالكن، واحرصن على العفاف والتستر والاحتشام، لأن الله - تعالى - مطلع على كل ما يصدر عنكن، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب. ثم أثنى الله - تعالى - على نبيه ثناء كبيرا وأمر المؤمنين بأن يعظموه ويوقروه فقال { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }. قال القرطبى ما ملخصه هذه الآية شرف الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فى حياته وموته، وذكر منزلته منه.. والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره.

السابقالتالي
2 3 4 5