الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } * { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } * { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } * { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } * { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

ذكر المفسرون فى سبب نزول قوله - تعالى - { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ } روايات منها " أنها نزلت فى زينب بنت جحش - رضى الله عنها - خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد ابن حارثة فاستنكفت، وقالت أنا خير منه حسبا، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية. وفى رواية أنها قالت يا رسول الله، لست بنكاحته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل فانكحيه " فقالت يا رسول الله، أؤامر فى نفسى؟ فبينما هما يتحادثان، أنزل الله - تعالى هذه الآية. فقالت يا رسول الله، قد رضيته لى زوجا؟ قال نعم قالت إذا لا أعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوجته نفسى ". وذكر بعضهم أنها نزلت فى أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وكانت أول من هاجر من النساء.. يعنى بعد صلح الحديبية، فوهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم، فزوجها من مولاه زيد بن حارثة، بعد فراقه لزينب فسخطت هى وأخوها وقالا إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجنا عبده، فنزلت الآية بسبب ذلك، فأجابا إلى تزويج زيد. قال ابن كثير هذه الاية عامة فى جميع الأمور. وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشئ، فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد هاهنا ولا رأى ولا قول، كما قال - تعالى -فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } وفى الحديث الشريف " والذى نفسى بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ". والمعنى لا يصح ولا يحل لأى مؤمن ولا لأية مؤمنة { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } أى إذا أراد الله ورسوله أمرا. من الأمور. وقال - سبحانه - { إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً } للإِشعار، بأن ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يفعله بأمرا لله - تعالى - لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. وقوله { أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } أى لا يصح لمؤمن أو مؤمنة إذا أراد الله ورسوله أمرا، أن يختاروا ما يخالف ذلك، بل يجب عليهم أن يذعنوا لأمره صلى الله عليه وسلم وأن يجعلوا رأيهم تابعا لرأيه فى كل شئ. وكلمة الخِيرة مصدر من تخيَّر، كالطِّيرَة مصدر من تَطَيَّر. وقوله { مِنْ أَمْرِهِمْ } متعلق بها، أو بمحذوف وقع حالا منها. وجاء الضمير فى قوله { لَهُمُ } وفى قوله { مِنْ أَمْرِهِمْ } بصيغة الجمع رعاية للمعنى إذ أن لفظى مؤمن ومؤمنة وقعا فى سياق النفى، فيعمان كل مؤمن وكل مؤمنة. وقوله - سبحانه - { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً } بيان لسوء عاقبة من يخالف أمر الله ورسوله.

السابقالتالي
2 3 4 5 6