الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } * { وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً }

ففى هاتين الآيتين يأمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخير أزواجه بين أن يعشن معه معيشة الكفاف والزهد فى زينة الحياة الدنيا وبين أن يفارقهن ليحصلن على ما يشتهينه من زينة الحياة الدنيا. قال الإِمام القرطبى ما ملخصه قال علماؤنا هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدم من المنع من إيذاء النبى صلى الله عليه وسلم وكان قد تأذى ببعض الزوجات. قيل سألنه شيئا عن عرض الدنيا. وقيل سألنه زيادة فى النفقة. روى البخارى ومسلم - واللفظ لمسلم - عن جابر بن عبد الله قال " دخل ابو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال فأذن لأبى بكر فدخل، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبى صلى الله عليه وسلم جالسا حوله نساؤه. قال فقال عمر، والله لأقولن شيئا يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، لو رأيت بنت زيد - زوجة عمر - سألتنى النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " هن حولى كما ترى يسألننى النفقة ". فقام أبو بكر إلى ابنته عائشة ليضربها، وقام عمر إلى ابنته حفصة ليضربها وكلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده. فقلن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا ليس عنده. ثم نزلت هاتان الآيتان. فبدأ صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال لها " يا عائشة، إنى أريد أن أعرض عليك أمرا، أحب أن لا تعجلى فيه حتى تستشيرى أبويك ". قالت وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها هاتين الآيتين. فقالت أفيك يا رسول الله أستشير أبوى!! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة. وفعل أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ما فعلت عائشة ". وقال الإِمام ابن كثير - بعد أن ساق جملة من الأحاديث فى هذا وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش عائشة وحفصة، وأم حبيبة وسودة، وأم سلمة. وأربع من غير قريش - وهن صفية بنت حيى النضرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المُصْطَلَقِيَّة - رضى الله عنهن. وقال الإِمام الآلوسى فلما خيرهن واخترن الله ورسوله والدار الآخرة، مدحهن الله - تعالى - على ذلك، إذ قال - سبحانه -لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ.. } فقصره الله - تعالى - عليهن، وهن التسع اللاتى اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ".

السابقالتالي
2