الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } * { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } * { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ }

قال ابن كثير - رحمه الله - اختلف السلف فى لقمان، هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ والأكثرون على أنه لم يكن نبيا. وعن ابن عباس وغيره كان لقمان عبدا حبشا نجارا.. قال له مولاه اذبح لنا شاة وجئنى بأخبث ما فيها؟ فذبحها وجهاءه بلسانها وقلبها. ثم قال له مرة ثانية اذبح لنا شاة وجئنى بأحسن ما فيها؟ فذبحها وجاءه - أيضاً بقلبها ولسانها، فقال له مولاه ما هذا؟ فقال لقمان إنه ليس من شئ أطيب منهما إذا طابا، وليس من شئ أخبث منها إذا خبثا. وقال له رجل ألست عبد فلان؟ فما الذى بلغ بك ما أرى من الحكمة؟ فقال لقمان قدر الله وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وتركى مالا يعنينى. ومن أقواله لابنه يا بنى اتخذ تقوى الله لك تجارة، يأتك الربح من غير بضاعة. يا بنى، لا تكن أعجز من هذا الديك الذى يصوت بالأسحار، وأنت نائم على فراشك، با بنى، اعتزل الشر كما يعتزلك، فإن الشر للشر خلق. يا بنى، عليك بمجالس العلماء، وبسماع كلام الحكماء، فإن الله - تعالى - يحيى القلب الميت بنور الحكمة. يا بنى، إنك منذ نزلت الدنيا استدبرتها، واستقبلت الآخرة، ودار أنت إليها تسير، أقرب من دار أنت عنها ترتحل... وقال الآلوسى ما ملخصه ولقمان اسم أعجمى لا عربى وهو ابن باعوراء. قيل كان فى زمان داود - عليه السلام - وقيل كان زمانه بين عيسى وبين محمد - عليهما الصلاة والسلام -. ثم قال الآلوسى وإنى اختار أنه كان رجلا صالحا حكيما، ولم يكن نبيا. وقوله - سبحانه - { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ... } كلام مستانف مسوق لإِبطال الإِشراك بالله - تعالى - عن طرق النقل، بعد بيان إبطاله عن طريق العقل، فى قوله - سبحانه - قبل ذلكهَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ... } والحكمة اكتساب العلم النافع والعمل به. و هى العقل والفهم. أو هى الإِصابة فى القول والعمل. والمعنى والله لقد أعطينا - بفضلنا وإحساننا - عبدنا لقمان العلم النافع والعمل به. وقوله - سبحانه - { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } بيان لما يقتضيه إعطاء الحكمة. أى أتيناه الحكمة وقلنا له أن اشكر لله على ما أعطاك من نعم لكى يزيدك منها. قال الشوكانى قوله { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ } أن هى المفسرة لأن فى إيتاء الحكمة معنى القول. وقيل التقدير قلنا له أن اشكر لى.. وقيل بأن اشكر لى فشكر، فكان حكيما بشكره. والشكر لله الثناء عليه فى مقابلة النعمة - واستعمالها فيما خلقت له -، وطاعته فيما أمر به.

السابقالتالي
2 3 4 5 6