الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } * { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } * { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } * { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

قالوا الإِمام الرازى لما بين - سبحانه - عظمته فى الابتداء بقولهمَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } وعظمته فى الانتهاء، بقولهوَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } وأن الناس يتفرقون فريقين، ويحكم - عز وجل - على البعض بأن هؤلاء للجنة ولا أبالى، وهؤلاء للنار ولا أبالى، بعد كل ذلك أمر بتنزيهه عن كل سوء، وبحمده على كل حال، فقال { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ }. والفاء فى قوله { فَسُبْحَانَ.. } لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ولفظ " سبحان " اسم مصدر، منصوب بفعل محذوف. والتسبيح تنزيه الله - تعالى - عن كل ما لا يليق بجلاله. والمعنى إذا علمتم ما أخبرتكم به قبل ذلك، فسبحوا الله - تعالى - ونزهوه كل نقص { حِينَ تُمْسُونَ } أى حين تدخلون فى وقت المساء، { وَحِينَ تُصْبِحُونَ } أى تدخلون فى وقت الصباح. وقوله - تعالى - { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } جملة معترضة لبيان أن جميع الكائنات تحمده على نعمه، وأن فوائد هذا الثناء تعود عليهم لا عليه - سبحانه -. وقوله { وَعَشِيّاً } معطوف على { حِينَ تُمْسُونَ } أى سبحوا الله - تعالى - حين تمسون، وحين تصبحون، وحين يستركم الليل بظلامه. وحين تكونون فى وقت الظهيرة، فإنه - سبحانه - هو المستحق للحمد والثناء من أهل السماوات ومن أهل الأرض، ومن جميع المخلوقات. قال ابن كثير وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذى وفى؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ". وفى حديث آخر " من قال حين يصبح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون..أدرك ما فاته فى يومه، ومن قالها حين يسمى، أدرك ما فاته فى ليلته ". ثم بين - سبحانه - مظهرا من مظاهر قدرته فقال { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } كإخراجه الإِنسان من النطفة، والنبات من الحب، والمؤمن من الكفار { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } كما فى عكس هذه الأمور، كإخراجه النطفة من الإِنسان، والحب من النبات، والكافر من المؤمن. { وَيُحْيِي ٱلأَرْضَ } بالنبات { بَعْدَ مَوْتِهَا } أى بعد قحطها وجدبها، كما قال - سبحانه -وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } وقوله - تعالى - { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } تذييل قصد به تقريب إمكانة البعث من العقول والأفهام. أى ومثل هذا الإِخراج البديع للنبات من الأرض، وللحى من الميت، نخرجكم - أيها الناس - من قبوركم يوم القيامة، للحساب والجزاء. ثم أورد - سبحانه - بعد ذلك أنواعا من الأدلة على قدرته التى لا يعجزها شئ، فقال - تعالى - { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6