الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

قال القرطبى " لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قدم عليه حبران من أحبار أهل الشام فلما أبصرا المدينة قال أحدهما للآخر ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبى الذى يخرج فى آخر الزمان! فلما دخلا على النبى صلى الله عليه وسلم عرفاه بالصفة والنعت فقالا له أنت محمد؟ قال نعم قالا وأنت أحمد؟ قال نعم. قالا نسألك عن شهادة فإن أنت أخبرتنا بها آمنا بك وصدقناك. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سلانى. فقالا أخبرنا عن الأعظم شهادة فى كتاب الله. فأنزل الله تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ } فأسلم الرجلان وصدقا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله تعالى { شَهِدَ ٱللَّهُ } أى بين وأعلم كما يقول شهد فلان عند القاضى إذا بين وأعلم لمن الحق أو على من هو قال الزجاج " الشاهد هو الذى يعلم الشىء ويبينه، فقد دلنا الله على وحدانيته بما خلق وبين ". والمعنى أخبر الله - تعالى - عباده وأعلمهم بالآيات القرآنية التى أنزلها على نبيه، وبالآيات الكونية التى لا يقدر على خلقها أحد سواه، وبغير ذلك من الأدلة القاطعة التى تشهد بوحدانيته، وأنه لا معبود بحق سواه، وأنه هو المنفرد بالألوهية لجميع الخلائق. وأن الجميع عبيده وفقراء إليه وهو الغنى عن كل ما عداه. وشهد بذلك " الملائكة " بأن اقروا بأنه هو الواحد الأحد الفرد الصمد فعبدوه حق العبادة، وأطاعوه حق الطاعة، وشهد بذلك أيضاً " أولو العلم " بأن اعترفوا له - سبحانه - بالوحدانية، وصدقوا بما جاءهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلغوا ذلك لغيرهم. قال الزمخشرى شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله الخاصة التى لا يقدر عليها غيره، وبما أوحى من آياته الناطقة بالتوحيد كسورة الإِخلاص وآية الكرسى وغيرهما، بشهادة الشاهد فى البيان والكشف وكذلك إقرار الملائكة وأولى العلم بذلك واحتجاجهم عليه ". وقالوا وفى هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء، فإنه لو كان أحد أشرف العلماء، لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء. وقال فى شرف العلم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } فلو كان شىء أشرف من العلم لأمر الله نبيه أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم. وقال صلى الله عليه وسلم " إن العلماء ورثة الأنبياء " وقال " العلماء أمناء الله على خلقه " وهذا شرف للعلماء عظيم ومحل لهم فى الدين خطير.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7